+ A
A -
أحد أهم الأوراق في الجعبة الإيرانية هي ورقة العداء مع الكيان الصهيوني والتي تعد بمثابة بوابة دخول وتمدد لمشروعها في المنطقة وتستخدمها إيران بكل براعة ولو تم الوصول لصيغة واتفاق نهائي يطوي صفحة الصراع العربي- الصهيوني والتطبيع على المستوى الرسمي فستكون ضربة موجعة للمشروع الإيراني وهو ما تسعى السعودية بثوبها الجديد ومن خلفها الإمارات للوصول إليه وبأي ثمن حتى لو كان فلسطين برمتها كما ينص وعد ترامب- الامتداد الطبيعي لوعد بلفور- وفي المقابل سيحصد الطرفان ضمان وليي عهدي الدولتين محمد بن سلمان ومحمد بن زايد للتوقيع الأميركي- الصهيوني على صك توليهما سدة الحكم رسمياً في بلديهما.
ويبدو أن الحشد العسكري الأميركي المتزايد مؤخرًا في الخليج العربي قد يكون من ضمن أسبابه إعادة التموضع وترتيب الأوراق لما هو قادم من مستجدات في المنطقة عندما يتم الإفصاح عن البنود والخطوات الرئيسية والحقيقية التي تتضمنها الصفقة التي يبقى كل ما يدور حولها حتى الآن لا يعدو كونه تكهنات أو تصريحات مقتضبة وتسريبات من هنا وهناك دون أن يكون هناك شيء مؤكد بصفة نهائية عن حدود ومتطلبات وبنود تلك الصفقة المشؤومة، وتحرص الإدارة الأميركية، وبالأخص جاريد كوشنر، على إحاطتها بالغموض وعدم الإفصاح عن البنود علنًا لحين ضمان تمتعها بالقبول والدعم من أنظمة عربية بعينها والجانب الفلسطيني بطبيعة الحال، في نفس الوقت قد تسعى السعودية ومن خلفها الإمارات لمحاولة ترتيب الأوراق المبعثرة ولملمة ما يمكن تداركه من نتائج تسببت بها السياسات العدائية للبلدين والتي أدت إلى إضعاف منظومة مجلس التعاون الخليجي بدرجة كبيرة ناهيك عن جامعة الدول العربية- الكيان الميت إكلينيكيًا- وهو أمر مستبعد ولن يأتي عبر قمم طارئة بل عبر خطوات يتم اتخاذها على الأرض وهو الأمر الذي لا يمكن للسعودية أو للإمارات القيام به لتعقد الوضع وعمق المشاكل وحلها بالطريقة التي تضمن عودة الأمور لبعض طبيعتها يعني تراجعًا سعوديًا- إماراتيًا في ملفات عدة وهو ما لا يمكنهما الإقدام عليه في الوقت الحالي.
وبالعودة لمحاور زيارة كوشنر ووفده للمنطقة نجده خصص الجولة لزيارة المغرب التي تحتضن عاصمتها الرباط لجنة القدس وهي مؤسسة عربية إسلامية انبثقت عن منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1975 ويترأسها ملك المغرب والموقف الرسمي المغربي الرافض بشدة لأي تغيير لوضعية المدينة المقدسة واعتبار هذا الأمر أولوية قصوى ويتشارك معه الأردن نفس الموقف بالإضافة لكون ما تم تداوله حول صفقة القرن يؤثر على الهيكل الديموغرافي والسياسي للدولة الأردنية لو تم تبادل أراضٍ أو إلحاق اللاجئين الفلسطينيين نهائيًا بالأردن ومنحهم الجنسية وفي نفس الوقت سينتزع من ملك الأردن ورقة مهمة على المستوى السياسي والشعبي وتتمثل في الوصاية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، ويبقى الهدف الآخر لكوشنر فبجانب الحشد للشق السياسي يحاول جاهدًا العمل على إنجاح الشق الاقتصادي والذي يبدو نجاحه متوقفًا على ما يمكن لترامب وكوشنر وحلفائهم في قطار التطبيع من تحقيقه في مخطط ترتيب الأوراق السياسية من دول وأطراف ارتبط بعضها بصفقات واتفاقيات ترتبط مكاسبها بالدفع في طريق إتمام صفقة القرن والتي يبدو أن ترامب وكوشنر عازمان على المضي قدمًا فيها رغم ما يجابهها من حسابات معقدة تجبر العديد من الدول والأطراف على رفضها من باب الحسابات الجيوسياسية قبل حسابات القضية وحقوق الشعب الفلسطيني.
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
03/06/2019
1382