+ A
A -
بات اللعب الأميركي على المكشوف، ولم يعد تكتيك الإدارة الأميركية الحالية مخفياً، بل إن إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاهر، وبأعلى صوتها، حين تُطلق مشروعها المسموم للتسوية في المنطقة، وآخر بنود المشروع إياه، ما صرح به المبعوث الأميركي جيبسون غرينبلات، حين قال «إن الولايات المتحدة ستوصي باستبدال وكالة الأونروا».
فحوى الموقف الأميركي من وكالة الأونروا، أن واشنطن تريد في سياقات «مشروع صفقة القرن»، وأد حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإهالة التراب عليه، ومسخ القضية الفلسطينية وتقزيمها، لتصبح مسألة اقتصادية معاشية، ومسألة تنمية اقتصادية لاقتصاد فلسطيني متواضع تم الحاقه قسرياً باقتصاد دولة الاحتلال، وليس باعتبارها قضية تحرر وطني لشعب واقع تحت الاحتلال، وقد تعرض لعملية إجلاء وتشريد وتهجير كولونيالي عنصري، عندما تم تدمير كيانه الوطني والقومي واقتلاعه من ارضه عام النكبة، وصولاً لما بعد احتلال ما تبقى من أرض فلسطين عام 1967.
لقد أفصحت عدة مصادر أميركية مسؤولة، أن المؤتمر الاقتصادي حول فلسطين، والمزمع عقده قريبا، والذي دعت اليه واشنطن، سيركز على الجوانب الاقتصادية لخطة التسوية، ولكن سيكون لها جوانب سياسية أيضاً. حيث ستعمل واشنطن من خلال جلسات وكواليس المؤتمر أو المنتدى الإقتصادي إلى «إظهار كيف يُمكن للفلسطينيين رؤية الأمور إذا تم تنفيذ الخطة» وفق ما قاله جيبسون غرنيبلات. لكن هذا المبعوث الأميركي قفز عن حقيقية القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية تحرر وطني، كما قفز عن قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
فالخطوات المتوقع عرضها في المؤتمر، وفقًا للمصدر الأميركي، تتمثل بــ «كسر دائرة إدامة الصراع، واستبدال المساعدات بالتنمية، والاعتماد على الاستدامة. وبدلاً من مواصلة الاعتماد على المساعدات، فإن الفكرة هي إعطاء الفلسطينيين أدوات لكي يكونوا مستقلين اقتصادياً، وإعادة ترميم مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبناءها كمدن دائمة وبلدات ثابتة للفلسطينيين، وبالتالي الاستعاضة عن وكالة الأونروا في مجال التعليم وتوزيع الأغذية ببرامج للاستدامة والتطوير، ترافقها منظمات دولية غير حكومية، ولكن تديرها وتقودها السلطة الفلسطينية نفسها».
لذلك، يتوقع، أن تكون إحدى القضايا الرئيسية المطروحة تفكيك وكالة الأونروا واحالتها على التقاعد، نظراً لما تمثله الوكالة من شاهدٍ تاريخي، ومرجعي قانوني، وأممي، على نكبة فلسطين وشعبها. وقد وصلت تصريحات غرينبلات بهذا الشأن إلى حد الصلافة حين قال في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: «إن أحد العناصر الرئيسية سيكون إنهاء عمل الأونروا، والتي نعتبرها الإدارة السبب الرئيسي لإدامة الصراع». مضيفاً بأن واشنطن: «ستطالب إسرائيل بسحب موافقتها بعد حرب 1967 على رسالة كومي ــ ميشيل مور، التي سمحت لوكالة الأونروا بالعمل في الضفة الغربية».
إن الولايات المتحدة، تريد أن تبيع الفلسطينيين وعموم العرب «الجوز الفارغ» بطروحاتها عن الازدهار الاقتصادي، وأضحوكة «السلام الاقتصادي» وتزويرها الفظ لحقيقة وجوهر القضية الفلسطينية، وعنصرها الأهم وهو قضية اللاجئين الفلسطينيين الذين يُشكّلون نحو 66% من التعداد العام للشعب العربي الفلسطيني في فلسطين والشتات.
محاولات التغطية على التغول الاحتلالي بدعم اقتصادي، لن ينهي ملفات الصراع الحاسمة، التي كلفت فلسطين وشعبها، انهار الضحايا، والشهداء، والأيتام والأرامل.
بقلم: علي بدوان
copy short url   نسخ
04/06/2019
1839