+ A
A -
أعرف صديقا كان ينوي شراء سيارة جديدة ادخر ثمنها بعد وقت غير قليل، ثم جمد الفكرة تماما، وقرر ان يشتري سيارة مستعملة، وحينما استفسرت منه أسبابه في ذلك، قال لي انه سيؤجل شراء سيارة جديدة حتى نزول السيارات الكهربائية الجديدة إلى الأسواق، ليكون من بين الأوائل الذين سيقتنون هذه السيارات الجديدة، وحتى يحدث ذلك سيظل معتمدا على سيارته القديمة والمستعملة.
اضطرني هذا الموقف المتردد لصديقي لأن أقول له: المنطق يستدعي التساؤل يا صديقي: انه اذا كانت السيارات ذات الوقود النفطي في طريقها إلى التقاعد، وأنه سيحل محلها سيارات هجينة، أي سيارات تعمل بنوعين من الطاقة، ثم سيارات كهربائية أو حتى مسيرة بطاقة الهيدروجين، فلماذا اذا الروس بدأوا متأخرين جدا بافتتاحهم قبل أيام مصنع «مرسيدس» الروسي، الذي يستعد لإطلاق أولى سياراته قريبا في زمن يتأهب لإحلال السيارات الكهربائية محل السيارات النفطية، بل ان الرئيس الروسي بوتين حضر افتتاح هذا المصنع بنفسه، ولماذا لم يبدأ الروس من حيث انتهى العالم إلى ضرورة تصنيع سيارات كهربائية تحيل النفطية إلى التقاعد.
لم يجد صديقي في ذهنه إجابة، ولا حتى أنا، ولا تفسيرا لهذا الموقف الروسي، الا ان اعتماد العالم على سيارات أخرى غير نفطيه لايزال أمامه ردح من الوقت غير القصير، وهو وقت سينفقه علماء وباحثون من أجل ترخيص كلفة إنتاج هذه السيارات الكهربائية، وبالتالي فإن العالم سيظل أسير الاعتماد على النفط لعقود أخرى قادمة، وان ما يقال عكس ذلك أشبه بالاشاعات التي تفتقر إلى الصحة والمصداقية، والا ما استعارت روسيا صناعة المرسيدس من الجار الالماني العبقري في وقت يبحث فيه العالم عن إنتاج سيارات كهربائية منافسة.
ربما ان روسيا بلد غني بالنفط، وبالتالي ليس لديها مشكلة في ان تطيل اعتمادها على السيارات النفطية لعقود اخرى قادمة، بعكس دول اخرى عديدة في العالم تكتوي ميزانياتها بأسعار النفط وموازنات استيراده، وهذه الدول الاخيرة تحلم باليوم الذي يشيع فيه استخدام سيارات أخرى غير نفطية، لتتمكن من ترميم أوصال اقتصاداتها المرهقة.
ورغم هذه التفسيرات حول هذا الموقف الروسي يحق للمرء ان يعجب بأن روسيا، بلد صناعة الأسلحة المذهلة والتي تنافس التقنيات الأميركية المتطورة جدا ظلت صناعات السيارات فيها غير منافسة على الاطلاق لنظيراتها الأميركية والاوروبية واليابانية والكورية، ثم والاكثر عجبا اننا نراها مؤخرا تستعين بالتكنولوجيا الالمانية في صناعة السيارات، الا يدعو ذلك للاستغراب والدهشة؟
ورغم ذلك فإن الزائرين لمعرض السيارات الكبرى ومهرجاناتها في الدول المتقدمة يحدثوننا عن سيارات ذكية ومذهلة سوف تحدث ثورات كبرى في صناعة السيارات واستخداماتها والتقنيات المتاحة فيها.
ولكل ما سلف وناقشته مع هذا الصديق جعله يرتد إلى السيارات النفطية، فلم يحل أوان السيارات الكهربائية بعد، ولا يزال هناك المزيد من الوقت حتى تحدث وتشيع هذه المتغيرات.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
11/06/2019
1508