+ A
A -
جاءني شاب يضع قدمه على اول سلم الحياة.. يتأفف.. ويقول.. خلص الجواسيس سيطروا على المشهد الفلسطيني وهم من يتحكمون في مفاصل الحياة، ولا أمل مع الجواسيس والخونة.. استوقفني المشهد وتساءلت:
هل نجحت إسرائيل وبعض أجهزة الإعلام الصهيونية العربية أن تزرع في عقول الشباب العرب أن الكل العربي يعمل لصالحها، وأن الكل من الفئة الحاكمة خانوا فلسطين.. وأن عرفات يهودي والقذافي يهودي ؟، ولم استغرب حين جاءني الشاب متشائماً؟
ويقول لا أمل.. في عودة القدس مع وجود هذا الكم من الجواسيس والخونة الذين يسلمون المجاهدين للجلاد..لا أمل مع ما تعلنه وسائل إعلام صهيونية عن حكام خانوا وهانوا، وحكام مدوا أياديهم للصهيونية لمنع انتصار العرب في أي معركة!
لا أمل مع هذه الوثائق التي تنشر عن خيانة دول للقضية الفلسطينية.. فهذا الأكاديمي الدكتور عبدالفتاح عبدالباقي يقدم بالفيديو الخيانة العربية في حرب 67 وهذا ينشر مرجع من نص رسالة نشرت في جريدة البيان المصرية عام 1966- من حاكم عربي إلى الرئيس الأميركي ليندون جونسون يعلن أنه لا يمانع ولن يتدخل إذا قامت إسرائيل باحتلال الضفة وسيناء والجولان لإذلال عبدالناصر!
لهؤلاء المروجين إلا امل، نقول انه رغم كل المؤامرات وكل الأكاذيب صمدت الثورة الفلسطينية وانجبت الانتفاضة الأولى والثانية وستنجب الثالثة..
نقول لهم إنه رغم كل ما ادعته إسرائيل عن خيانة العرب وهرولة العرب فهم يذكرون عبدالناصر الذي بقي صامداً ولم يسقط ولم يسلم ولم يعترف بدولة العصابات الصهيونية.
ولم تنجح جميع المخططات الأميركية للصهيونية وهو على قيد الحياة أن تصل إلى أي دولة عربية ويقوفة الدكتور عبدالباقي هم اليوم يحاربون تاريخه ومشروعه لأنه المشروع المضاد للشرق الأوسط الجديد كان جمال عبدالناصر جبل الصوان تتكسر كل المشاريع الاستعمارية على يديه يحول خسارة معركة عسكرية إلى انتصار،
بينما حول السادات نصراً عسكرياً كبيراً إلى هزيمة استراتيجية كبيرة بشهادة عبقري مصر الأول جمال حمدان.
الحروب ليست مباريات كرة قدم الفائز فائز والمهزوم مهزوم،
الحروب أداة لكسر إرادة العدو ليوقع لك معاهدة تحقق أهدافك وهدف الصهيونية منذ 1948 إجبار مصر على الاعتراف بدولة العصابات الصهيونية لأنه اهم من اعتراف العالم أجمع بهم.
وسيناء لم تكن إلا رهينة خطفها مجرم له مطالب.
لقد حقق أعظم جيش بناه جمال عبدالناصر ومحمد فوزي والشهيد عبدالمنعم رياض والفريق صادق والفريق سعدالدين الشاذلى وإبراهيم الرفاعي انتصاراً أذهل العالم في حرب أكتوبر 1973 هو جيش أبناء جمال عبدالناصر، هو جيش أشرف على بنائه جمال عبدالناصر شخصياً، هو جيش الصمود والتحدي جيش المعجزات من 9 يونيو 67 حين توقفت الحياة في دولة العصابات الصهيونية نتيجة أعظم حرب طويلة ضدهم.
وهم ليس لديهم جيش متفرغ مثلنا فهم جيش شعبهم كلهم احتياط.. الحرب الطويلة تشلهم وتوقف الحياة عندهم، لذلك فعلوا المستحيلات مع جمال عبدالناصر، خذ سيناء واخرج من الصراع، خذها ولن نتعامل معك إننا منتصرون، لكن أستاذ مادة الاستراتيجية بكلية أركان الحرب القارئ علم صراعات الدول كان يعرف معنى النصر والهزيمة ومعنى الاعتراف بهم في القانون الدولي.
وكان يعرف أن سيناء حمل ثقيل عليهم خطفوها بهدف الاعتراف بهم في مرحلة من مراحل الصراع.
لكن خطوط الدفاع عنها طويلة وخطوط الإمداد لجيشهم طويلة وليست مثل الضفة والجولان، فهى بعيدة جدا عنهم خطفوها في مرحلة لنيل الاعتراف القانوني بهم ليقضوا على المقاومة العربية في غياب مصر وغياب التوازن الاستراتيجي بإخراج مصر من المعادلة، ثم يعودون لسيناء فمن ضحك على من؟
فرداً على حريق المسجد الأقصى أرسل الزعيم جمال عبدالناصر أمراً لخير أجناد الأرض عبر الفريق أول محمد فوزي، وزير الحربية الأسبق لينقله للجيش منه نصاً:
«إن العدو لن يتأثر باللوم أو الاستنكار ولن يتزحزح قيد أنملة عن المواقع التي هو فيها لمجرد قولنا إنه أعجز من مسؤولياتها ولن يتوقف دقيقة لكي يستمع إلى صوت أي جهة تطلب التحقيق والعدل، إنني أريد أن يتدبر رجالنا من ضباط وجنود القوات المسلحة مشاعر اليومين الأخيرين وأن يتمثلوا معانيها وأن يصلوا وجدانهم وضمائرهم بوجدان أمتهم وضميرها، وأن يعرفوا إلى أعماق الأعماق أنهم يحملون مسؤولية وأمانة لم يحملها جند منذ نزلت رسالات السماء هديا للأرض ورحمة»: إنهم في معركتهم القادمة ليسوا جند أمتهم فقط ولكنهم جند الله حماة أديانه وحماة بيوته وحماة كتبه المقدسة، إن معركتهم القادمة لن تكون معركة التحرير فحسب ولكنه أصبح ضرورياً أن تكون معركة التطهير أيضًا، إننا أمام عدو لم يكتف بتحدي الإنسان ولكنه تجاوز ذلك غرورًا وجنونًا ومد تحديه إلى مقدسات أرادها الله بيوتاً له وبارك من حولها، هؤلاء هم جند يحاول النظام العربي الجديد أن يبعدهم عن دينهم ويفرغهم من روح الإسلام لكن هيهات، فالذين عبروا القنال، والذين يرتلون القرآن، والذين آمنوا بالحق العربي سوف يخرجون من السجون ولسوف تعود جيوشنا إلى رحاب المسجد الأقصى، وستعود فلسطين.. وموعدنا الصبح.. أو ليس الصبح بقريب!
بقلم: سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
12/06/2019
3189