+ A
A -
بصدفة لا يشترك فقط الرجلان في احتواء أحد شقي كل من اسميهما على مسمى «آبي»، ولكنهما يشتركان أيضاً في قيام كل منهما بمهمة صعبة، يؤمل فيها التوفيق والسداد، للجم توالي خطرة، إذا لم يتمخض عن مقدمات كل من مهمتي الرجلين نجاحاً في ردم الفجوة بين طرفي الخلاف في كل من الحالتين المختلفتين عن بعضهما جذرياً وموضوعياً بل وقارياً.
رئيس وزراء اليابان شينزو آبي أناط نفسه بوساطة بين الولايات المتحدة وإيران، للجم التصعيد الحاصل بينهما، ولوضع الأزمة في سياق التفاوض بين واشنطن وطهران لأجل التوصل لاتفاق نووي جديد، وهو ما تقابله طهران برفض تم الإعلان عنه اكثر من مرة، وفي غير مناسبة، ورغم ذلك يضطلع شينزو آبي بمهمته دون يأس أو قنوط، وعلى امل النجاح الذي لو تحقق فأنه سيدخله التاريخ من أوسغ أبوابه، حيث سيكون الرجل الذي نزع فتيل أزمة تعد من اخطر الأزمات التي يشهدها العالم حالياً. رئيس الوزراء الياباني يدرك جيداً انه في حال استمرار التصعيد في هذه الأزمة فإن دولاً عدة، من بينها اليابان ذاتها، ربما تتضرر من احتمالات نقص في إمدادات الطاقة التي تشغل صناعاتها الضخمة، فتقول الإحصاءات عن واردات اليابان النفطية من إيران إنها تبلغ نحو 280 ألف برميل يومياً، فضلاً عن وارداتها من دول الخليج العربية، وبالتالي ليس من الحكمة التزام المستوردين عموماً، ومنهم اليابان، موقع المتفرج، بل لابد من بذل السعي لتخفيف التوتر بين البلدين: الولايات المتحدة وإيران، والبحث عن نقطة التقاء بينهما، مما يمكن البناء عليه في إمكانية نزع فتيل الأزمة.
وليس من المعلوم ما هي التفاصيل الحقيقية للمكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو مع نظيره الياباني قبل قيام الأخير بمهمته، فليس من عادة الدولة العبرية الا تكشف أسرارها في حينها، ولكن قرون استشعار الإعلام الإسرائيلي ستميط اللثام عن كل شيء لاحقا، كما انه ليس من المعروف كذلك ما هي الرسائل الأميركية التي سيحملها آبي الياباني إلى طهران، ولكن المراقبين في العالم يتابعون تفاصيل الزيارة، التي لا أظن انه سيماط اللثام عن محتواها وتفاصيلها بالتوازي مع مجرياتها، فبلاد الشمس المشرقة لم تعود العالم على الإسهاب في شرح الأسرار أو كشف التفاصيل في حينها، ولكن بينما ينقسم مراقبون حول إمكانية نزع فتيل الأزمة، فإنه لا يجب التهوين من كفاءة التكنولوجيا السياسية اليابانية في إمكانية إصلاح مناطق الانسداد والعطب في علاقة واشنطن وطهران.
آبي أحمد رئيس الوزراء الاثيوبي لم تستدعيه مهمته التي بادر إليها قطع مسافة طويلة من اقصى شرق القارة الصفراء إلى اقصى غربها كما فعل ذلك شينزو آبي رئيس الوزراء الياباني، بل إن مسرح الأزمة التي يحاول آبي الاثيوبي تطويقها هو السودان، البلد الجار الذي تجمعه بإثيوبيا علاقات تاريخية ضاربة الجذور، يدفعه إلى ذلك الجيرة الجغرافية بتوابعها الديموغرافية من جانب، ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين البلدين من جانب آخر.
{ ( يتبع)
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
14/06/2019
1476