+ A
A -
رُغم أني شخصيًا أؤمن أنَّ الألقاب والمسميات لها دورٌ كبير في النسيج الاجتماعي لأية دولة، إذ أنها تعكس تركيبة المجتمع وتحقق له البناء المجتمعي القائم على القدرات الشخصية المقننة، وبرُغم ذلك الإيمان، إلا إنَّهُ لا غضاضة في أنَّ عشوائية الألقاب المعنوية تقوم بإحداث خلل جذري يؤثر حتمًا على نمو المجتمع الذي لا ينهض فقط على هذه المسميات الفارغة، إنما يقوم من خلال الشخصيات التي أعطت لألقابها تشريفًا حقيقيًا ما أدى بها إلى تحقيق الموضوعية والمصداقية عند جمهور المتابعين أو المتأثرين وإلا فالعكس واردٌ جدا، فإذا احتمت الشخصيات التي تحمل لقب (سفير فخري) وراء بريق هذا المسمى الرنان لكانت سقطةً حقيقية لهم أمام جمهورهم المتابع والمتأثر بهم. فهم كما انبهروا بجمال التتويج في هذا المنصب يترقبون العمل والنشاط الذي سيؤدي بعد ذلك.
وبالمطلق، فإنَّ الوقوف الدائم على جمال المسميات دون تنفيذ للمشاريع الدينامية المجتمعية التي يتطلبها اللقب المعنوي التشريفي ستفضي إلى أمراض مجتمعية تؤدي إلى تدني في جودة هؤلاء الأفراد من خلال الاستهانة بالقيم والمعايير والحصول على ميزات تشريفية دون بذل أي مجهود، وقس على ذلك غيرها من الأمراض الاجتماعية والنفسية الأخرى.
إنَّ غاستون باشلار هو أحد أعظم الفلاسفة على امتداد التاريخ، حينما استفسره صحفي أراد محاورته عن الصيغة التي يفضل مخاطبته بها طيلة الحوار، هل يستعمل: الأستاذ أم السيد غاستون باشلار؟ فلم يتردد فيلسوف العلم والأدب كي يجيبه: (لا،لا، أرجوك غاستون فقط)، وإني أخشى حقيقةً أن تصبح هذه الألقاب مثل اللعبة التي تتطاير عبثاً يُمنةً ويُسرة دون أي استحقاق موضوعي أو نتيجة لاحقة، ليصبح مع الأيام لقب (السفير الفخري) وما يوازيه في المعنى الدلالي من أعتى ألقاب الوجاهة الاجتماعية التي يبذل في سبيلها مؤثرو المجتمع ومؤثرو منصات التواصل الاجتماعي الغالي والنفيس، فالأمر يتعدى اللقب لما وراء اللقب بكثير!
{ إعلامية وباحثة أكاديمية- جامعة قطر
بقلم: خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
22/06/2019
2098