+ A
A -
ما نشهده اليوم من أحداث في المنطقة العربية شاخصاً أمام أعيننا.. من العجب العجاب.. دول طالما تغنت بأمجادها وقوتها هوَت بين ليلة وضحاها، أشقاء طالما افتخروا بلُحمتهم ومجدهم وماضيهم ومستقبلهم الواحد، تقطعت أوصالهم ووصالهم وافترقت قلوبهم وأصبحوا من أشد الأعداء لبعضهم في لحظات، شعوب افتخروا وتغنّوا بالمحبة ووحدة الدم والمصير، تحولت مشاعر الكثير منهم إلى كراهة والدماء إلى ماء وافترقت قلوبهم بقرار خارجي خبيث! دول تدّعي العظمة والصداقة نشرت الفتنة في أجوائنا العربية والخليجية الملبدة بالمشاعر الدفينة للتبلور على حقيقتها بأسرع من الضوء. ولنتكشف وجهها الحقيقي بأنها ليست سوى شركات كبرى همّها الوحيد بيع منتجاتها وخدماتها في السلم والحرب وبأغلى الأسعار؟!
كل تلك الأحداث المجنونة التي لا يستوعبها عقل ولا منطق ولا ملّة، التي تحدث أمام مرأى أعيننا يوميا، والتي أصبح فيها المسلم عدوا وأرهابيا والصهيوني صديقا وقريبا؟! زمن مخجل مبكٍ مضحك سيُسجّل كتاريخ أسود في عرف الأجيال القادمة للأخطاء والانكسارات التي تحدث ولا نستوعبها أو صدها بسبب ضعفنا ومرض نفوسنا وبعدنا عن نهج محمد عليه الصلاة والسلام وصحبه وتعاليم الدين وارتضينا بنهج كسرى وقيصر؟!
منطقة كاملة تهتز من الخليج إلى المحيط بوتيرة منسجمة متسلسلة ظاهرها الفوضى وباطنها المؤامرة المنظمة.. فيها الكثير من الوجوه والتفصيلات والأحداث المتناثرة.. تُرى كيف ستُكتب للتاريخ ومن سيكتبها ويبلورها، وقد تعددت الميول والأهواء والأمزجة والولاءات وغاب الكثير من المؤرخين المحايدين الذين أشك في استيعابهم، إذا ظلوا أحياء، لما يحدث هذه الأيام لجنونها وكثرتها وفجورها وتعدد ميول قادتها ومثقفيها وإعلامييها؟!
جاءتني كل تلك الأفكار وأنا أقرأ قصائد الشعراء الكبار أحمد مطر ومحمود درويش والعملاق الشاعر نزار قباني، الذي يعبرعن حال الأمة في قصيدته جريمة شرف أمام المحاكم العربية ويقول:
دخلوا علينا..
كانَ عنترةُ يبيعُ حصانهُ بلفافتَيْ تبغٍ،
وقمصانٍ مشجَّرةٍ،
ومعجونٍ جديدٍ للحلاقةِ،
كانَ عنترةُ يبيعُ الجاهليّة..
دخلوا علينا..
كانَ إخوانُ القتيلةِ يشربونَ (الجِنَّ) بالليمونِ،
يصطافونَ في لُبنانَ،
يرتاحونَ في أسوانَ،
يبتاعونَ من (خانِ الخليليِّ) الخواتمَ..
والأساورَ..
والعيونَ الفاطمية …
السؤال هنا كيف يُحفظ التاريخ الحقيقي..فلا أدري هل لايزال الشعر يعتبر ذاكرة العرب؟وهل هناك شعراء وكتّاب محايديون غير منحازين، ذوي مصداقية، أم كالعادة نعتمد على المصادر الأجنبية وفيها ما فيها، أم يكمن الأمل في كاتب محايد من دول المهجر؟
لكنه يظل سؤالاً صعباً جداً في هذه السنوات العجاف؟! أليس كذلك؟!
بقلم: جاسم إبراهيم فخرو
copy short url   نسخ
28/07/2019
1756