+ A
A -
في الثاني من أغسطس الجاري خرجت الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى التي كان الرئيسان ريجان وجورباتشوف قد وقعاها في العام 1987، وبالتالي عاشت هذه المعاهدة نحو 32 عاما، لينخرط كل من العملاقين قبيل سنوات قلائل باتهام الآخر بخرقها.
ومن الواضح ان الرئيس الأميركي عكف على قراءة اتفاقيات ومعاهدات أميركية مع الغير، لينيط نفسه أثر ذلك بالعمل على تغيير أو تحديث بعض هذه الاتفاقات والتي يراها في غير صالح بلاده.
وهناك ثلاثة معطيات محتملة في صدارة نتائج فض معاهدة تقييد العملاقين الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى واحالتها للتاريخ، اولها: العودة إلى سباق تسلح خطير بين العملاقين، وثانيها: سعي ثلاثة على الاقل من القوى الكبري في نظام دولي متعدد الاقطاب إلى تكوين احلاف سياسية تتزعمها وهذه الاقطاب الثلاثة هي الولايات المتحدة وروسيا والصين، وثالثها: هبوب رياح حرب باردة من جديد بدأت بوادرها تلوح في الافق فحينما نسب إلى البيت الابيض قوله ان واشنطن لا تتخوف من سباق التسلح مع موسكو، سارع بوتين إلى الإيعاز لوزارة الدفاع الروسية بمراقبة تحركات البنتاغون والرد بالمثل على تطوير الصواريخ، كما أعلن الرئيس الروسي أن موسكو ستضطر لتطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى بكامل طاقتها، فور تأكدها من إتمام واشنطن تطوير صوارخ كهذه وشروعها في تصنيعها.
كما قال نائب وزير الخارجية الروسي ريابكوف ان روسيا لن تخسر أبدا في سباق تسلح قد تطلقه واشنطن، ففور الخروج الأميركي من معاهدة الحد من الأسلحة النووية أعلن البنتاغون عن تطوير صواريخ جديدة، فيما بدات وسائط اعلامية روسية في المقابل تتحدث عن انه يتم حاليا تصنيع اطرزة جديدة من أخطر الصواريخ الروسية، فضلا عن أسلحة اخرى.
الانسحاب الاميركي من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى يضع القارة العجوز البيضاء تحت طائلة غابة من الصواريخ النووية الروسية، فيما اعلن ريابكوف أن موسكو تعتبر تأكيدات الناتو عدم وجود أي خطط أو نوايا لدى الحلف لنشر الصواريخ المحظورة في أوروبا هي تاكيدات غير مقنعة، وفي التقدير ان الخروج الأميركي من معاهدة الحد من الصواريخ النووية يفسح الفرصة أمام واشنطن لانتاج اجيال من اخطر الأسلحة الفتاكة، فضلا عن ان الخروج الأميركي من هذه المعاهدة يفسح مجالا سانحا أمام بلاد العم سام لنشر صواريخ نووية أرضية وأنظمة مضادة للصواريخ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك اليابان لهذا اعتقد ان بلاد العام سام تخرج من هذه المعاهدة وعينها على آسيا وليس على القارة البيضاء العجوز.
وقد لوحظ مؤخرا ان الرئيس الأميركي ترامب تلقى أنباء تجريب بيونج يانج انواعا جديدة من صواريخها بلغة هادئة ومن غير أي توتر، حتى انه وصف الزعيم الكوري الشمالي بانه صديقه الذي سيضع في حسبانه هذه الصداقة، على العكس تماما من ردة الفعل الغاضبة لكل من كوريا الجنوبية واليابان، فقد استفزتهما الصواريخ الكوريا الشمالية ولم تستفز واشنطن، ما يعني ان الولايات المتحدة ستنشئ واقعا استراتيجيا وتكتيكيا جديدا بعد خروجها من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، وهو ما دعا اليه بالفعل وزير الدفاع الأميركي الجديد مارك اسبر الذي قال ان واشنطن تؤيد الإسراع في نشر صواريخ جديدة في آسيا، ومن ثم لن تكترث واشنطن بصواريخ بيونج يانج التي سقطت في البحر، ولا بطموح الصين الاستيلاء على جزر في بحر الصين، لان هناك واقعا عسكريا وتكتيكيا جديدا في آسيا سوف يسمح به خروج أميركا من معاهدة الحد من التسليح، ما يعني ان المخاطر في عالمنا الراهن تتزايد يوما بعد آخر.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
09/08/2019
1633