+ A
A -
البلطجة، التشبيح، السلوك التسلطي، السلوك الاستبدادي، التخويف، الترهيب، الاستئساد، العنتريات، الاستقواء، كلها مفردات لظاهرة التنمّر السلبية التي بدأت تغزو مجتمعاتنا المسالمة المتسامحة، بفعل تأثيرات العولمة، والاحتذاء بالنموذج الغربي، والانفتاح غير الممنهج، ويكفي الاطلاع على ما نشر يوم أمس الأول في إحدى الصحف السيارة عن زيادة حالات التنمّر بين طلاب المدارس والمشاكل النفسية والناتجة عن التنمّر خلال السنوات الأخيرة بين الطلاب من 10 إلى 18 سنة! فقد أشار الدكتور سليم خلدون النعيمي استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين بمؤسسة حمد الطبية، في حواره الثري والمثري، إلى أن المؤسسة استقبلت 7 آلاف حالة خلال العام الماضي لأطفال ومراهقين مصابين بأمراض نفسية، التنّمر مشكلة حاضرة، في البيت، في المدرسة، في الشارع، في البرامج الحوارية، في الفضائيات، في وسائل التواصل الاجتماعي، ظاهرة متواجدة في كل مكان، السلوك العدواني ساد وانتشر، وولد أعراضاً كئيبة وأفكاراً مشوشة، مقلقة، تدفعنا للتساؤل حول ظاهرة التنمّر وتحليلها بحثا عن أسبابها وطرق علاجها، حتى لا تتحول إلى عامل ينضاف إلى عوامل الهدر المجتمعي.
إن سيادة بعض المفاهيم مثل القوة الخارقة، وسحق الخصوم، واستخدام كافة الأساليب، لتحصيل أعلى النقاط، والانتصار دون أي هدف تربوي كحال بعض الألعاب الإلكترونية المنتشرة بيد الصغار والشباب والكبار، جعلت المدمنين عليها يعتبرون الحياة اليومية بما فيها الحياة المدرسية أو غيرها امتدادا لهذه الألعاب، فيمارسون حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم وزملائهم بنفس الكيفية، وهنا تكمن خطورة ترك الأبناء يدمنون ألعاب العنف، لذلك ينبغي على الأسرة عدم السماح بتقوقع الأبناء على هذه الألعاب والسعي للحد من وجودها، لأنها تدمر الأجيال وتفتك بهم، مثلها مثل بعض أفلام الأكشن التي تتزايد فيها مشاهد العنف والقتل الهمجي والاستهانة بالنفس البشرية بشكل كبير، ولا يخفى على العقلاء خطورة هذا الأمر -على الصغير والكبير- خصوصا إذا استحضرنا واقعنا العربي وميل بعض القيادات الخليجية والعربية إلى تصديق هذه الأمور، وميلهم إلى تقليد النموذج الغربي في الأفلام وإعادة الإنتاج كالأطفال تماماً!! نحن الخليجيين والعرب، الذين نعيش مرحلة التنمّر المجنونة بكل جوانبها وتعقيداتها، وقيادات تدور في دائرة التنمّر والحمق والجنون القائم على أوهام سياسية كاذبة.
جلها ثرثرات سياسية وإعلامية عبارة عن سخافات وأكاذيب وتلاعب بالألفاظ التي يمتلئ بها حقل الإعلام والفضائيات ومنصات التواصل الاجتماعي التي أصبح جلها «خريط ميمّع، تعال وتسمّع» لا تودي ولا تجيب ولها أول وما لها آخر!!
ولكن هل تستطيع مختلف مجموعات التواصل الإلكتروني الاجتماعي العربية أن تقوم بطرح موضوع التنمّر وعلاج الإشكال برمته، على المستوى الداخلي والخارجي، الاجتماعي والسياسي، وعلى المستوى الإقليمي، والعربي، والدولي، والعالمي، لمنع الثري من أكل الفقير، ومن التهام الكبير للصغير، وكف يد المتنمّر عن المتنمّر عليه، أنا شخصياً أشك في ذلك.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم: يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
08/10/2019
2850