+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 720م تُوفي «كلثوم بن الأغر»، كان قائداً في جيش عبد الملك بن مروان، وكان الحجاج بن يوسف الثقفي لا يُحبه، فدبَّر له مكيدة عند عبد الملك انتهتْ إلى أن حكم الخليفة على كلثوم بالإعدام!
فذهبتْ أم كلثوم إلى عبد الملك تستسمحه أن يعفو عن ابنها فاستحى منها لأنها كانتْ يومها قد جاوزتْ المائة عام من عمرها، فأخبرَها عبد الملك أنه سيجعل الحجاج يكتب ورقتين، في الأولى يُقتل، وفي الثانية لا يُقتل، وأنّ على كلثوم أن يختار واحدةً، وبناءً على هذا سيتحدّد مصيره!
طلبتْ الأم من عبدالملك أن يسمح لها بمُقابلة ابنها فوافق، فأخبرتْهُ أمه بالذي دار بينها وبين عبدالملك، فقال لها لا تقلقي سيُنجيني الله منه!
وكان كلثوم ذكياً داهية، علِم أن الحجاج سيكتب يُقتل على الورقتين، وعندما حان موعد القصاص، واجتمع الخليفة والناس، تقدّم الحجاج حاملاً الورقتين في كف يده، وطلبَ من كلثوم أن يختار واحدة ويقرأ مصيره، فما كان من كلثوم إلا أن أخذ ورقة ووضعها في فمه وابتلعها، ثم قال للخليفة أكلتُ هذه وفيها مصيري، لنقرأ ما في يد الحجاج، وتعرف أي مصير قد اخترتُ لنفسي! ثم مدَّ يده وفتح الورقة المُتبقِّية فإذا فيها يُقتل، وهكذا لم يشك الخليفة أنه اختار الورقة التي كُتب فيها لا يُقتل، وعفا عنه!
وتقتضي أمانة النقل أن أقول إن هذه القصة على انتشارها في كثير من كتب التراث إلا أن حول صحتها كلاما كثيرا، فإن صحّت فإن فيها درساً عظيماً نجده في قول الله تعالى «ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً» وقال الله الحكمة ولم يقل العلم، لأن الحكمة هي الاستخدام الأمثل للعلم، فكم من عالِم لم ينفعه علمه!
وإن لم تصح تبق خبراً تاريخياً طريفاً، لن يُقلل من ظلم الحجاج وتجرأه على الدماء، ولن يُقلل من ذكاء كلثوم بن الأغر، فقد ضُرب فيها مثلاً لما عُرف عنه من الذكاء والحكمة!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/11/2019
2630