+ A
A -
لأنَّ العُنْفَ لا دِينَ له ولا هوية ولا جنسية، ولا ما إلى ذلك، فإننا نَجِدُه يتجسَّد في كل مكان، يَمثل شاخصا ليُحَوِّلَ إلى مسخٍ كيانَ الإنسان، ومن ثمة يُذَيِّلُه بِذَيل المهانة ويُذِلُّه، ويُصَيِّرُه خانعا خاضعا مستسلما لِسَوط الجَلاَّد حتى ولو كان عصا اللسان..
وإذا كان العنفُ يتصدر الأرقام القياسية في البلدان العربية، فإنه يسجل حضورَه بالْمِثْل في البلدان الغربية تلك التي مازالت تؤكد أن شمسَ العدالة لم تُشرق بعدُ لِتَمْحُوَ المسافةَ بين الرجل والمرأة وتُعيد إلى دائرة الضوء الاعتراف بالتحامهما حدَّ الانصهار في قالب واحد يتخذ من الحُبّ جدرانا ومن الدفء سقفا ومن الاحترام بابا ونوافذ..
بين العنف المادي والعنف النفسي يَقف السؤال كَجِدار لا يُضْمِر ما يتوسطه من ألغام تَعِدُ بكشف الأسرار:
- ما الأسباب التي تَدْعُو إلى خوض تجربة العُنف بين الرجُل والمرأة، وإن كان حضوره يختلف بين الشرق والغرب، على اعتبار أن الضحية التي لا تَخرج عن المرأة في الشرق قد ترتقي إلى مرتبة الجاني في الغرب؟!
- هل العامل الاقتصادي هو المسؤول عن ضبط موازين القوى ومن ثمة التنكيل بالطرف الضعيف؟!
- لماذا يَرفض الرجُل العربي غالبا مَشْهَدَ أن تَتَفَوَّقَ عليه المرأة ماديا، فلا يَجِدُ من ثمة سِوى التنفيس عن غضبه ورفضه لهذه الصورة بالإساءة إليها بَدَنِيا أو نفسيا؟!
- ما المعايير التي تَحتكم إليها ظاهرة العنف في العالم الغربي إن كان الوضع الاقتصادي لا يُشكل عائقا لانفلات الواحد من الطرفين مُوَجِّهاً أصابعَ الاتهام عنفا إلى الآخَر؟!
- هل نَحتاج في العادة إلى حَلّ مشاكلنا ودِّيا وبشكل مُغْلَق لتسوية الأمور العالقة بين الطرفين (الرجُل والمرأة) أم نَزيد المسألة تعقيدا بتوسيع رقعة المشكلة التي تتفاقم وتتمدَّد وتَغُور عُمْقاً ونحن نَميل إلى إطْلاع الأطراف الأجنبية عليها مما يَجعَل الضغوط تُغَيِّر اتجاه قناعات المرأة للوصول بوضعيتها إلى الباب المسدود؟!
- هل فِعْلاً تَطرح التدخلات الجمعوية المصحِّحَة لأخطاء الرَّجُل الحلولَ البديلة بما فيها تسوية الوضع المادي وتوفير البديل على مستوى السَّكَن وأولويات الرعاية، أم أن الإضافة الجمعوية لا تتجاوز مستوى الإنصات إلى الضحايا والإلقاء باللائمة على الرَّجُل؟!
- أليسَ الرَّجُل في حاجة إلى أن يُنْصِفَه المجتمعُ والظروف والحالة النفسية قبل أن يفكر مجرد تفكير في التطاول على المرأة ولو بِفَمِه؟!
(..)
مِن المؤكَّد أن صنبورَ الأسئلة لن يبخل بالمزيد، لكن لِنَقُل إننا في حاجة ماسَّة إلى الحوار والجلوس إلى الطاولة وجها لوجه سعيا إلى قَطع دابِر الخلل قبل أن يتحول إلى عِلَّة تَقضي على الأخضر واليابس مِن حياة كانت تَعِدُ بأحلى الأوقات تحت عناقيد دالية الأمنيات..
لا تَنْتَظِرْ أن تَأتيك الحلول الجاهزة مِمَّن يَكتفي بالاستماع إلى طرف واحد، ولتَكُن أمينا بالبحث عن فرصة أخرى لِنُجَرِّبَ حياةً ثانية عِوَضَ أن تُعَجِّلَ بالخراب والفوضى اللاَّخَلاَّقة..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «شَتَّانَ بينَ مَسافات البِناء وخطوة الهَدم!».
- «هيهاتَ أن تُفكر عيونُ الحُبّ في الشماتة!».
- «رتِّبْ أحاسيسَك قبل أن تَجور لا تُجير».
- «قلتُ للمُرّ: سَأَمُرّ، لا وقتَ للبكاء».
- «أَعْطِنِي فرصة لِأُقَلِّمَ أظافرَ أنفاسي قبل أن تَبوح باعتراف».
- «شيء من الغروب عن المكان يَعِدُ بشروق أبهى للروح».
- «مِن الحكمة أن أَجْمَعَ دفاتري قبلَ أن يَبردَ قلمُ القَدَر».
بقلم: سعاد درير
copy short url   نسخ
28/11/2019
2430