+ A
A -
تعيش بريطانيا حالة من الفوضى الشاملة في كل مجالات الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في أعقاب التصويت الذي جرى في الثالث والعشرين من يونيو الجاري وأدى إلى تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الأوروبي، فالحكومة البريطانية نفسها كانت منقسمة على نفسها قبل الاستفتاء لكنها بعد الاستفتاء أصبحت أكثر انقساما لاسيما بعد إعلان رئيس الحكومة المؤيد للبقاء استقالته بحلول شهر أكتوبر القادم وبالتالي سيخرج هو وكل المؤيدين للبقاء من الحكومة بينما يستعد المؤيدون للخروج لتشكيل الحكومة الجديدة، وحالة الفوضى داخل الحكومة والحزب الحاكم تنعكس بشكل مباشر على كل مناحي الحياة في البلاد، وعلى جانب المعارضة فإن حزب العمال المعارض الرئيسي في البرلمان يعاني هو الآخر من فوضى وانقسام هائل في ظل مطالبة الأعضاء المطالبين بالبقاء من رئيس الحزب جيرمي كوربن بالاستقالة وقد ردوا على رفضه الاستقالة بإعلانهم استقالة جماعية من الحزب لمعظم أعضاء حكومة الظل تهدد بتفشي الفوضى فيه، ومع تراجع الجنيه الاسترليني إلى مستويات غير مسبوقة منذ ثلاثين عاما حيث فقد أكثر من 10% من قيمته في يوم واحد تدخل رئيس البنك المركزي البريطاني ليعلن عن استعداد البنك لضخ 250 مليار جنيه في الأسواق للحفاظ على العملة البريطانية التي يتوقع كثير من المراقبين أن تنخفض مستقبلا بنسبة لا تقل عن 20% عن قيمتها الحالية والتي كان يسندها وجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي حيث كانت بريطانيا هي المركز المالي لأوروبا وقد أعلنت الدول الأوروبية أنها ستقوم بسحب كل المؤسسات المالية الأوروبية من بريطانيا ويقول الخبراء إن هذا يهدد مستقبل 250 ألف موظف يعملون في أسواق المال البريطانية والمؤسسات الأوروبية المرتبطة بها، وقد انعكست هذه الأوضاع على كل البورصات والأسواق لاسيما سوق العقارات الذي يعتبر الأكبر في بريطانيا مع تقارير عن أن خروج بريطانيا سوف يؤثر على سوق العقار ويؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات التي تشهد ارتفاعا متزايدا يجعل بريطانيا الأغلى في العالم، من ناحية الخبراء والمختصين الكل في حالة ذهول وضبابية، وقد سعيت طوال الأيام الماضية للتواصل مع مدير المركز الملكي للدراسات «شاتام هاوس» الذي يعتبر أحد أكبر مراكز التفكير للحكومة البريطانية، فأبلغوني أن كل خبراء المركز في اجتماعات دائمة لدراسة وتقييم العواقب التي سيؤدي إليها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومع تأكيد مسؤولي الاتحاد الأوروبي في أكثر من تصريح على ضرورة بدء بريطانيا مفاوضات الخروج، فإن بعض التقارير تشير إلى أن بريطانيا لن تقوم أبدا بهذه المفاوضات وسوف تترك فترة المفاوضات المقدرة بعامين تمضي وتسقط الاتفاقات وحدها، بينما يقول آخرون إن بريطانيا سوف تطلب تمديد المهلة وسواء كان هذا الخيار أو ذاك فإن بريطانيا بالفعل قد سقطت في مستنقع من الضبابية والفوضى.
بقلم : أحمد منصور
copy short url   نسخ
29/06/2016
41079