+ A
A -
ذكرنا في المقالة السابقة أن فرض حد أدنى للأجور يمكنه أن يقضي على العديد من المظاهر والعادات الاجتماعية التي تعد ذات تأثيرات سلبية في المجتمعات الخليجية. وهنا نحاول أن نسرد بعض المزايا التي يمكن أن تنجم عن تحديد حد أدنى للأجور في دول مجلس التعاون: أولا: لعله من المعلوم في دولة مثل الكويت أو قطر أن راتب الخدم – ومن في حكمهم – لا يتعدى المائة دينار أو حوالي ألف ريال، ومعلوم ايضا أن عدد الشغالين والشغالات قد تضخم إلى درجة أصبحت تؤثر في السلوك الاجتماعي للأسرة.
كما أصبح التواكل والاعتماد على الغير في أبسط الأشياء والتربية غير الصحيحة للنشء وتأثر الأطفال بالعادات غير الإسلامية وبلغات أخرى غير العربية، كلها من المشاكل الاجتماعية وأحيانا الأخلاقية التي نشأت في كنف تضخم أعداد الخدم. ومن ثم فإن وضع حد أدني للأجور يمكن أن يكون وسيلة من وسائل معالجة هذه المشاكل. ذلك أن ارتفاع أجور الخدم إلى حد معقول (من 300 إلى 350 ديناراً شهريا مثلا أو ما يقابلها بالريال القطري) سيجعل العديد من الأسر تفكر جدياً في عملية استقدام الخدم وتشغيلهم، وسيبدأ التناقص في الطلب عليهم.
ثانياً: تحديد حد أدنى للأجور سيتبعه بالضرورة اشراف الدولة على تنفيذ هذا الحد ومخالفة الأفراد الذين يوظفون عمالاً بأجر أقل من الحد الأدنى. وهذا يستتبع بالضرورة الغاء تراخيص مكاتب استقدام العمالة، ومن ثم تقوم الدولة بعقد اتفاقيات ثنائية مع دول المصدر التي يتم جلب العمالة منها بحيث تقوم مكاتب عمل حكومية في هذه الدول بتنظيم هذه العملية. وذلك سيكون له أثره من حيث تحكم الدولة مباشرة في أعداد العمال (مراعاة التركيبة السكانية)، وأيضاً تتخلص دول الخليج في هذه الحالة من السمعة السيئة اعلاميا والتي تشبهها وسائل الإعلام الغربية بتجارة العبيد أو الرقيق ويتم استغلالها في تشويه صورة المجتمع الخليجي كما في حالة قطر وكأس العالم.
ثالثا: وضع حد أدنى للأجور بالضرورة سيخفض من أعداد العمالة المستقدمة عند هذه الحدود الدنيا، ومن ثم سيكون هناك اتجاه لتصحيح خلل التركيبة السكانية الموجودة بحيث يقل عدد الوافدين وتزيد نسبة المواطنين. ولعل التخفيض سيكون بالضرورة في أعداد العمالة غير الماهرة والعشوائية والتي أصبحت «بؤرة فوضى وصداع أمنى» كما يقول تحقيق جريدة الطليعة الكويتية عن منطقة «جليب الشيوخ» التي تتركز فيها العمالة السائبة والعشوائية (13مايو-2015).
رابعاً: انخفاض أعداد العمالة الفنية غير الماهرة وغير المتعلمة، يمكن أن يتم تعويضه في حالات كثيرة بعدد من العمال أقل ولكن أكثر تقنية ومهارة وأكثر تعليماً ومن ثم ستزيد نسبة السكان (المقيمين) المتعلمين بالمقارنة بغير المتعلمين. وما من شك أن ذلك له أثره على نوعية التعامل كما أن له أثره الإيجابي على الوعي الثقافي والفكري في المجتمع.
خامساً: عادة ما تكون العمالة الغير ماهرة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض أو الحوادث بالمقارنة بالعمالة الماهرة والمتعلمة ومن ثم فإن زيادة نسبة الأخيرة بالمقارنة بالأولى من شأنه التخفيف على المرافق الصحية والتي نراها تعج بالمرضى من العمالة غير الماهرة، وذلك أيضا له أثره الإيجابي على خفض الإنفاق الحكومي المرغوب في مثل هذه المرحلة الاقتصادية التي تمر بها دول الخليج بصفة عامة.
سادساً: ارتفاع الكفاءات والمهارات الفنية المتوقع والذي يصاحب وضع حد أدنى للأجور سيكون له تأثيره الإيجابي على الإنتاجية المتوقع الحصول عليها، والتي تؤثر بشكل إيجابي في الكفاءة الإنتاجية للمجتمع ككل. وجدير بالذكر أن انخفاض الكفاءة الموجودة حاليا بين العمال الوافدين يرجع إلى الأجر الضئيل وتفاوت الرواتب بين من يحصل على مائة ديناراً مثلاً ومن يحصل على ثمانمائة في أعمال تكاد تكون متشابهة. ومن ثم لا يصبح لدى العامل القابلية أو الاستعداد النفسي للعمل ويتوقع منه الاهمال ومحاولة التهرب. وهكذا يمكن أن يؤدي ارتفاع الأجر إلى تقليل أو تخفيض العوامل التي من شأنها خفض الإنتاجية
بقلم : حسن يوسف علي
copy short url   نسخ
29/06/2016
3493