+ A
A -
أسعد الله صباحكم بكل خير ـ وأرجو أن تسمح لي بهذه الدردشة البريئة مع سعادتكم ـ ولقد كتبتها عبر زاويتي الاسبوعية لأتمكن من الوصول لسعادتكم مباشرة وأقول ما اريد قوله بيسر وسهولة لأنني متأكد تماما أنني لو حاولت مقابلتكم شخصيا والتحدث معكم وجها لوجه فلن استطيع ذلك لسببين: الاول: انشغالكم الدائم بأعمالكم واجتماعاتكم ومقابلاتكم لكبار المسؤولين، والسبب الثاني هو انني سأقف امام سعادتكم كأصم أبكم لا يتحدث ـ خوفا ورهبة من سعادتكم وأنتم جالسون على ذلك الكرسي الدوار الفخم والجميل ـ ولكن عزيزي المسؤول لا تترك الكرسي الدوار يدور بكم في خضم المشاغل حتى يأتي اليوم الذي تصابون فيه بالدوار وتصبحون فيه في حالة من الحيرة والضياع لا تفرقون فيه بين الصحيح والخطأ والغث والسمين والعدو والصديق حيث تختلط امامكم الامور وتجدون حولكم قوما كثيرين قليلهم مخلصون وكثيرهم منافقون يطبلون ويزمرون لسعادتكم ويقولون لكم دائما انتم على حق وكلامكم كله درر ومرجان ولا يمكن ان يخطئوا بل يقفوا لكم احتراما وتقديرا مزيفا وكاذبا حتى يأتي اليوم الذي لا بد منه حيث تغادرون المكتب الجميل والكرسي الدوار الفخم والمكيف المركزي البارد، إما منزلكم حيث التقاعد والاستقالة او النسيان وإما الى رحلة لجهة واحدة فقط دون عودة نهائيا وتذكرتها «شهادة وفاة» تسافرون بها الى المصير المحتوم الى «أبوهامور» حيث الصمت المخيف والسؤال الكبير والحساب العسير، صدقني يا سعادة المسؤول انه في حالة مغادرتك للوظيفة سيتفرق الاصحاب والاحباب والمنافقون وكل من حولك ولن يتبقى لك سوى السمعة الطيبة والسيرة الحسنة والعمل المخلص فلا تنس وأنت لا تزال على رأس عملك ان تبحث عن هموم وآلام الناس لا تغلق بابك عليك بحجج كثيرة وعليك خدمة وطنك وأبناء وطنك بكل اخلاص وتفان وضمير حي ونفس راضية عندها فقط سيحبك الناس ويحترمونك ولن ينسوك بعد مغادرتك لمركزك الوظيفي المرموق واجعل هدفك الاول والاخير خدمة الناس واحترامهم وتقديرهم واستقبالهم بنفس راضية وابتسامة جميلة ولا تجعل بينك وبينهم حواجز، فهم بحاجة لك وأنت بحاجة لهم.

لا تقل في نفسك أنا ثابت ولن أزول من موقعي الوظيفي فغيرك كثيرون ذهبوا ولم يعودوا وأصبح دورهم اذا كانوا احياء هو التحدث مع ام العيال والخدم واذا كانوا قد فارقوا الحياة فمع حسناتهم او سيئاتهم ومع عذاب القبر والسؤال الخطير والحساب العسير. وأخيرا عزيزي المسؤول لا احب ان اطيل عليك ولكن عليك بتقوى الله والبعد عن الغرور والكبرياء ولا تخدع نفسك وكن صادقا مع الله ومع الناس ومع نفسك.. وفقك الله لخدمة الوطن والمواطن وبارك الله فيك عزيزي المسؤول.



copy short url   نسخ
30/12/2014
3954