+ A
A -
يبدو ان أوحال المستنقع السوري بدأت ترخي أثقالها على نظام إيران وتشكل له إرباكاً حقيقياً، ما جعل صوته خفيضاً في الفترة الأخيرة.
وقد بدأ الغرق يتجلى في الغوص والدوران حول معركة حلب التي تحولت إلى فخ نصبه الحليف الروسي لمحور «الممانعين».
فرغم عنتريات ميليشيا «حزب الله» وتأكيد حسن نصرالله ان لا تراجع عن هذه المعركة وانه سيرسل المزيد من مقتاليه (وليس من مقاتلي «فيلق القدس» الإيراني) لانقاذ حلب «بوابة الشرق» على حد وصفه لها، فها هو ركن الممانعة الأضعف بشار الأسد يعلن هدنة لعدة أيام رغم ما قيل عن تقدم جيشه في الأيام الأخيرة وقطعه الطريق الوحيد («الكاستيللو») أمام المعارضة.
الأسد يعلن الهدنة فيما الإيراني، الذي حشد ميليشياته (اللبنانية والعراقية والافغانية و...) من أجل انقاذ نظامه، يصر على الاستمرار في القتال. فهل انها عملية هروب إلى الأمام؟
من الواضح ان خيبات معركة حلب بدأت تتردد أصداءها في داخل إيران، وبدأ التململ يتصاعد على أكثر من مستوى، ممهدا لحالة من الاستقواء على النظام. فها هي الاحتجاجات الشعبية بدأت تحرك قطاعات شعبية واسعة في مختلف المحافظات والمدن الإيرانية، على خلفية التصعيد الخطير في الاعدامات التي بلغت رقما قياسيا. فالأكراد والعرب والبلوش واتباع الديانات المختلفة، لا سيما السنّة، يتعرضون لشتى انواع القهر والتمييز القومي والديني والاعتقال، والاعدامات في منطقة الأحواز (العربية)، والى عمليات قصف للقرى في كردستان.
وراح التمرد يتحول شيئا فشيئا إلى مواجهات وصدام في أكثر من منطقة، والى عمليات استهداف للبنى التحتية كالتفجير المدوي الأخير الذي طال أكبر وأهم مصنعاً للكيماويات في إيران. واللافت ان مرتكبوه لم يخفوا هويتهم، وانما خرجوا إلى العلن كاشفين عن أنفسهم في بيان بتوقيع «صقور الاحواز». ناهيك عن تصريحات لأكثر من مسؤول حالي أو سابق في مجلس الشورى أو حتى في قيادة «الحرس الثوري» تدين تورط إيران في الحرب السورية.
وما زاد الطين بلة فشل طهران في تثمير «الاتفاق النووي»، الذي تم التوقيع عليه قبل سنة بالتمام مع مجموعة «الدول الخمسة + واحد» (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين + المانيا)، من أجل معالجة الأزمة الاقتصادية واستثمار الاموال المستعادة في اصلاحات بنوية تساهم في تخفيف الضغط عن كاهل الإيرانيين... غير ان ما حصدته إيران من الغاء العقوبات وعودتها إلى سوق النفط احترق خلال اشهر في اتون الحرب السورية، من هنا تصاعد نقمة الإيرانيين على السلطة، وتحديدا على «الحرس الثوري»، وعلى «حزب الله» الذي يفاخر زعيمه نصرالله بان «ناسنا تأكل وتشرب وتلبس وتتسلح من إيران، وطالما إيران بخير (ماليا) فنحن بخير».
كان الاعتقاد السائد ان جميع الابواب ستفتح امام إيران مباشرة بعد التوقيع على «الاتفاق النووي» ما يمكنهم من احتواء الاحتجاج الشعبي.
فخلال الأشهر التي تلت فك الحصار وبداية الغاء العقوبات تقاطرت عشرات الوفود السياسية والاقتصادية والشركات التجارية الاوروبية إلى طهران، إلا انهم تفاجأوا بنظام مفلس وغير مستقر وغارق في الفساد!
بالمقابل، الأمر الآخر اللافت هو انفتاح غير مسبوق على منظمة «مجاهدي خلق» الإيرانية المعارضة من قبل بعض الدول الغربية وتحديدا من قبل الولايات المتحدة التي اوفدت مسؤولا رفيعا، هو مدير العلاقات العامة السابق في البيت الأبيض، للمشاركة في مؤتمر المنظمة الذي انعقد في ضواحي باريس وحضره نحو مائة ألف إيراني تقاطروا من مختلف البلدان. وكانت لافتا كذلك مشاركة وفود عربية من الجزائر والاردن ومصر التي رأس وفدها وكيل رئيس البرلمان المصري...
فهل بدأ العد العكسي لمسيرة النظام الانحدارية؟
سعد كيوان
copy short url   نسخ
12/07/2016
2558