+ A
A -
بعد عقد من الزمن زار رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو دولاً في القارة الافريقية التي كانت ضمن دائرة المصالح الأمنية والاقتصادية للدولة العبرية. زيارة بنيامين نتانياهو إلى أربع دول هي اوغندا واثيوبيا وراوندا وكينيا والتي تمت في أوائل يونيو اضافت مزيد من الاهتمام بالقارة الافريقية. فبعد الحضور الصيني والحضور الاميركي دخلت تركيا وإيران كدول شرق أوسطية على دائرة التنافس على المصالح الاقتصادية والسياسية في افريقيا.
لفهم أبعاد الزيارة ثمة ثلاثة مستويات من التحليل يمكن ان تسهم في فهم ابعاد الخطوة الإسرائيلية لا سيما من حيث التوقيت وطبيعة الملفات التي تشغل الجانب الإسرائيلي والافريقي في الدول التي زارها نتانياهو. المستوى الأول مرتبط بما يسمى بتنشيط الدبلوماسية الإسرائيلية خارج الفضاء السياسي لمنطقة الشرق الاوسط وفق ما نشرته وسائل الاعلام الإسرائيلية، حيث ان الانتظار بالنسبة لحكومة نتانياهو قد طال بعيداً عن افريقيا ويبدو أن لاعبين آخرين يسعون إلى ملئ هذا الفراغ. في هذا السياق يبدو أن المصالح الاقتصادية والأمنية الإسرائيلية مرتبطة أيما ارتباط بالحضور في افريقيا، فالعودة إلى السوق الافريقي ليس بالضرورة متعلق بمشاريع اقتصادية وشراكات، بل تذهب إلى حد تزويد تلك الدول بخدمات أمنية تتعلق بالتدريب والأسلحة والتي تمتلك إسرائيل ان تزود بها تلك الدول، ولعل اول ثمار هذه الزيارة هو قبول اثيوبيا إقامة قاعدة عسكرية اسرائيلية فيها. بالطبع تحرص إسرائيل على بيع خبرتها في مجال الزراعة بشكل خاص إلى تلك الدول الافريقية أيضاً.
على صعيد غير بعيد تسعى الحكومة الإسرائيلية الرد على التوسع التركي في العلاقات مع القارة الافريقية وتزويد خدمات ذات طابع أمني واقتصادي لدول افريقية ترغب إسرائيل في ابقائها ضمن دائرة نفوذها. مثل هذا الأمر ينطبق على إيران وحزب الله والاعتقاد الإسرائيلي بأن مثل ذلك الحضور يهدد إسرائيل ومصالحها في القارة الافريقية. من هنا كان القلق الإسرائيلي من علاقات إيران مع دول افريقية لا سيما في ما يتعلق بالبرنامج النووي عاملاً مهماً في العودة لإنعاش رصيد علاقاتها الذي تراجع طوال عقد كامل.
المستوى الثاني مرتبط بحشد دعم من قبل دول افريقية لإسرائيل لما يتعلق بعملية السلام في الشرق الاوسط حيث سعى نتانياهو إلى الترويج إلى وجهة النظر الاسرائيلية والتي تتكرر انه لا يوجد شريك فلسطيني حقيقي يريد السلام مع إسرائيل على أساس مشروع نتانياهو الذي يتحدث حول يهودية إسرائيل. إسرائيل تستشعر ان حلفاؤها مثل الولايات المتحدة ودول غربية أخرى لا يقومون بالدور الذي كانوا يقومون فيه في الماضي من حيث الدفاع عن إسرائيل ومصالحها، وفي ظل غياب هذا الدور فعليها ان لا تتأخر في التواصل مع تلك الدول لتأكيد حضورها السياسي. هذا الأمر ينطبق على تطوير إسرائيل علاقاتها مع الصين ومع جمهوريات آسيا الوسطى والتي تتنافس فيها مع إيران.
المستوى الثالث المرتبط بالزيارة مرتبط بمسألة العلاقات الافريقية مع مصر، اذ يبدو واضحاً أن اسرائيل لا ترغب أن تمارس الدول الافريقية لا سيما ما يتعلق بمياه النيل مزيداً من الضغوط على النظام المصري. هذا الأمر ربما يُفهم في إطار حالة التحسن المطرد في العلاقة بين مصر وإسرائيل بعد انقلاب يوليو 2013.
في ظل ما تقدم تبدو الدول العربية الغائب عن الاستفادة من عديد الفرص الاقتصادية الموجودة في افريقيا، فرص يمكن ان تبنى من أجلها تحالفات مع تركيا ومع الصين بحيث تتشارك في المشاريع وما يترتب عليها من استثمارات ضخمة. افريقيا لا زالت واعدة اقتصادياً وينبغي للعرب أن لا يكونوا في ذيل القافلة من حيث الحضور والاستفادة مما يجري في ذلك الجزء من العالم.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
13/07/2016
2630