+ A
A -
قرر المغرب العودة إلى الاتحاد الإفريقي. في يوميات السياسة الخارجية المغربية يتعلق الأمر، هذه المرة، فعلا بحدث كبير. الخطوة المفاجئة تنهي عمليا قرابة 32 سنة من موقف الكرسي الشاغر، بعد انسحابه من منظمة الوحدة الأفريقية عام 1984، على خلفية انضمام ما يسمى «الجمهورية العربية الصحراوية «التي تم تأسيسها على فكرة انفصالية معادية للوحدة الوطنية للمغرب، فوق التراب الجزائري.
سياقات العودة ودلالاتها وخلفيتها التاريخية، كانت واضحة في رسالة وجهها الملك محمد السادس إلى قمة الاتحاد الافريقي المنعقدة بكيغالي، عاصمة روندا، بشكل يجعل هذا القرار بعيدا عن منطق الاستسلام لعناد الواقع، بل دعوة قوية لما اعتبرته الرسالة «إدانة لأخطاء ومتاهات الماضي، وشجب التصرفات التي تسير ضد مجرى التاريخ»، «حيث لا يمكن للمغرب أن يظل خارج أسرته المؤسسية، ولابد له من استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الافريقي، بحيث يمكنه، بفضل تحركه من الداخل، أن يساهم في جعله منظمة أكثر قوة، تعتز بمصداقيتها، بعد تخلصها من مخلفات الزمن البائد».
القرار السيادي بالعودة، والرسالة الملكية للقمة، وجدا بشكل سريع وفعال، ترجمة سياسية مباشرة، في الملتمس الذي تم توجيهه بعد ذلك إلى رئيس الاتحاد الافريقي، من طرف 28 بلدا في هذه المنظمة القارية، في موضوع تعليق مشاركة «الجمهورية الوهمية» في أنشطة الاتحاد الافريقي وأجهزته المقررة، بهدف
تمكينه من الاضطلاع بدور بناء والإسهام إيجابا في جهود الامم المتحدة من أجل حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
العودة المغربية للبيت الافريقي، وفي انتظار استكمال جوانبها المسيطرة، يمكن أن تقرأ كذلك كتكثيف لسياسة مغربية افريقية، تعززت في السنوات الأخيرة، بدبلوماسية ملكية مباشرة، شكلت الزيارات المتواترة لعديد من بلدان القارة إحدى آلياتها، فضلا عن تقوية واضحة لأشكال الحضور الاقتصادي والشراكات المغربية الافريقية، التي يصل مداها إلى أكثر من أربعين دولة.
الدبلوماسيتان السياسية والاقتصادية، وجدتا إلى جانبهما كذلك دبلوماسية جديدة تعنى بالأبعاد الدينية والروحية، وتهتم بتدبير طلب مجتمعي مهم داخل كثير من الدول الافريقية، على الإسهام في التأطير الديني، ونشر قيم الوسطية الإسلامية والاعتدال.
عموما، فعودة المغرب للاتحاد الافريقي، هي ترجمة مؤسسية لعودته السياسية والاقتصادية والروحية لمحيطه الافريقي، والمؤكد أنها ما كان لها أن تكون، في هذا التوقيت وبهذا الترتيب السياسي، لو لم يسبقها جهد دبلوماسي حيث مكن من إعادة تشكيل خريطة جديدة لموازين القوى داخل القارة الإفريقية على ضوء التحولات المعتبرة في تقديرات عديد من الدول، لملف الصحراء المغربية، وهذا ما سيعني بالضرورة أن هذه العودة ستعني موقعا ومنبرا جديدا للدفاع عن الوحدة الوطنية للمغرب ولمحاصرة الأطروحة الانفصالية.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
29/07/2016
6602