+ A
A -
يبدو أن تركيا بدأت تتعافى من أعراض الانقلاب كلياً، وأنها انطلقت إلى مرحلة «قطع رأس الأفعى» حتى لا يتكرر مثل هذا السيناريو المشؤوم مستقبلاً. الإجراءات التي تقوم بها الحكومة التركية بدعم هائل من الشعب- موالاةً ومعارضةً- هي صفحة جديدة في تاريخ تركيا، وأزعم أن عنوانها سيكون «الجمهورية الثانية»، حيث سينتقل فيها الجيش من «حامٍ للعلمانية» إلى جيش يدافع عن أرضه ويحمي حدوده فقط، وسيكون الشعب هو المسيطر على إدارة البلد عبر رئيسه وحكومته المنتخبة، ومن المتوقع كذلك أن يتحول النظام السياسي التركي من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، ولِمَ لا؟ وهو الحلم الذي طالما راود أردوغان- أول رئيس منتخب في تاريخ تركيا- ولا أعتقد أن هناك فرصة أفضل من هذه الفرصة لتحقيق هذا الحلم.
ومما لا شك فيه، أن ردود الفعل الغربية على هذه الإجراءات تنبئ بازدواجية في التعاطي مع الأحداث المتقاربة- زماناً ومكاناً- ففي حين رفضت ألمانيا حالة الطوارئ في تركيا- التي سقط فيها أكثر من مائتي قتيل في محاولة انقلاب- قبلت ميونيخ أن تعلن حالة الطوارئ لمقتل عدة أشخاص- مع كامل الأسف لمقتلهم- في حادث قتل فردي قام به شخص مجنون بدون أي دوافع إرهابية- بحسب السلطات الألمانية-. تحدثت عن ألمانيا لأنها تمثل الصديق الأقرب للحكومة التركية، فما بالك بغيرها من دول الاتحاد الأوروبي، أمّا الولايات المتحدة، فحدّث ولا حرج، فهي في كل مشاهد الشرق الأوسط في فترة حكم الرئيس أوباما لم تكن تملك وجهة نظر واضحة ومحددة ولم تملك زمام المبادرة أبداً، إلا في تراخيها في المشهد السوري والعراقي واليمني بما يخدم مصلحة إيران وروسيا- العدوّين المفترضين لأميركا- وفي مناهضتها لإجراءات الحكومة التركية حالياً وتراخيها مع الانقلابيين في ليلة الانقلاب.
بقي أن أضيف أن أميركا التي تضايقت بشدة بسببت الاعتقالات التي قامت بها الحكومة التركية في صفوف الانقلابيين من الجيش والشرطة وأجهزة الدولة الأخرى، في تهم تتعلق بالتخطيط والمساهمة في الانقلاب، هي نفسها أميركا التي قامت بفصل أكثر من أحد عشر ألف موظف في الملاحة الجوية بسبب قيامهم «بإضراب»! وذلك عام 1981 م وبأمر من الرئيس دونالد ريغان في أزهى مراحل الحلم الأميركي!
ولله في خلقه شؤون.
بقلم : صلاح العرجاني
copy short url   نسخ
05/08/2016
4471