+ A
A -
تعد الجروح العاطفية من المشكلات الشائعة لدى الجنسين في مختلف المراحل العمرية، وتتنوع صورها فمنها صدمة الخيانة الزوجية والطلاق والانفصال والهجر وابتعاد الشريك وهروبه وغير ذلك. وتختلف آثار الصدمة ونتائجها وفقاً لتفاصيل الصدمة وظروفها، ووفقاً لشخصية الإنسان وتكوينه النفسي والشخصي، وكلما كان الشخص أكثر ثقة بنفسه كان أكثر قدرة على تجاوز الصعاب والصدمات. وترتبط ردود الفعل أيضاً بظروف العلاقة نفسها وطريقة انتهائها. والقاعدة العامة أن النهاية المفاجئة غير المتوقعة تحدث أثراً سلبياً أكبر وأقوى من النهاية المتوقعة أو المفهومة. ويحتاج الإنسان إلى إدراك الصدمة وفهمها وشرح أسبابها وظروفها، والغموض وعدم الوضوح في أسباب انتهاء العلاقة يخلق قلقاً شديداً غير مفهوم ولا يسهل إدراكه واستيعابه وبالتالي لا يسهل التكيف معه وتجاوزه.
وللتعامل مع الصدمات العاطفية وتجاوزها بشكل إيجابي:
1- يحتاج الإنسان إلى الدعم النفسي والمعنوي، وإعادة ترتيب أفكاره وانفعالاته وعواطفه للتعبير عن آلامه وجروحه وغضبه وحزنه لمدة تطول أو تقصر إلى أن يتم تجاوز الصدمة بدرجة كافية تؤهله للاستمرار في حياته بشكل فعّال وفتح صفحة جديدة مع نفسه والآخرين والحياة.
2- تتضمن عملية تجاوز الصدمة العاطفية وإعادة التوازن الداخلي لدى الإنسان على قدرته على النسيان، وقدرته على إعادة ترتيب عالمه الداخلي، وتعديل أفكاره عن نفسه وقيمتها. ويفيده التعبير عن هذه الانفعالات بأشكال أدبية مثل الخاطرة أو القصة أو الرواية وغيرها، ويعتبر ذلك أسلوباً علاجياً ناجحاً يعالج فيه المجروح جراحاته وقلقه بشكل يجعله أكثر توازناً وأكثر ثقة بنفسه.
3- لابد من إظهار المشاعر السلبية تجاه الألم والصدمة العاطفية، وأهم هذه المشاعر الغضب. وعندما يستطيع الشخص أن يعبر عن غضبه وأن يغضب على شريكه الذي تركه أو خذله أو خانه فقد اقترب كثيراً من الشفاء ومن النسيان. ويحتاج ذلك التعبير إلى تكراره مرات عديدة بشكل أو بآخر. ويتضمن التعبير عن الغضب والانزعاج من الشريك استعمال مختلف العبارات السلبية والأوصاف الساخرة وغيرها.
4- في حال الصدمة العاطفية يلجأ كثيرون إلى أساليب وممارسات روحية ودينية للتخفيف من وطأة الأزمة التي يعيشونها، وهي تفيد في مثل هذه الحالات، وبعضهم يدأب على أعماله أو هواياته ويشغل نفسه بشكل مبالغ فيه كتعويض عن الفقدان الذي تعرض له وكأنه يهرب من تجربة الفقدان ولا يعترف بها.
كلمة أخيرة: «الأزمة فرصة» وفقاً للمثل الصيني، ويمكن أن تتحول الأزمة العاطفية إلى فرصة للتطور والنمو واختبار للذات والآخر والحياة، مهما كانت الآلام المرافقة لمعاناة الصدمة العاطفية، كما يمكنها أن تشكل دروساً نفسية مفيدة وأن تجعل الإنسان أكثر صلابة وأكثر نضجاً من النواحي العاطفية والحياتية.

بقلم : دانة درويش
copy short url   نسخ
22/08/2016
4695