+ A
A -
يتوفر اليوم في دول مجلس التعاون مئات الجوامع وآلاف المساجد، بعضها بنته الحكومات، وبعضها الآخر بناه المواطنون إما من خلال جمع التبرعات أو بقيام المقتدرين منهم بتحمل نفقات البناء، فمواطنو دول الخليج العربي يتحمسون عادة لبناء دور العبادة، أملاً في الحصول على الأجر والثواب من رب العالمين وربما– في بعض الحالات– للتميز وتسجيل بصمة باسم العائلة، حيث يتم تسمية المسجد باسمها.. والملاحظ أن الحماس لبناء المساجد يزداد في حالة فقد الأسرة المقتدرة لأحد أبنائها أو أحد الوالدين.
كثيرة هي المساجد في مختلف دول مجلس التعاون، وكثر هم المواطنون الذين يطمحون إلى بناء مسجد يحصدون من ورائه الحسنات كون ذلك الفعل يدخل في باب الصدقة الجارية، لكن البعض منهم فقط من يؤمن بأن الأجر والثواب لا يأتي فقط من طريق بناء المساجد وأنه يمكن حصد الكثير منه من أبواب أخرى كونها تعود بالنفع على الناس والمجتمع.
مجتمعات دول مجلس التعاون لم تعد بحاجة إلى مزيد من المساجد، ففيها الكثير منها، ومن بين ذلك الكثير كثير مما لا يعمرها المصلون وقد تمر أيام ولا يدخلها أحد، لكن مجتمعات هذه الدول بحاجة دائماً إلى مشاريع أخرى يقوم المقتدرون والناس عامة ببنائها وتوفيرها، وكلها أبواب يأتي منها الحسنات وتأتي منها المغفرة بإذن الله.. هذه المجتمعات تحتاج إلى المستوصفات والمراكز الصحية، وتحتاج إلى رياض الأطفال والمدارس، وإلى مشروعات أخرى يعود نفعها على الناس كدور الأيتام والملاجئ والمصانع التي يمكن أن توفر فرص العمل للكثيرين.
الأجر والثواب لا يأتي من بناء المساجد فقط ولكن من كل باب قصد صاحبه من خلاله خير الناس ووجه الله سبحانه، أما إذا رأى البعض أنه لا بد من أن يكسب الحسنات من باب بناء المساجد فإن التخريجة التالية يمكن أن تقنعه بتوفير احتياجات أخرى للمجتمع من دون التقصير في حق المساجد، حيث يمكن لمن يبني مركزاً صحياً على سبيل المثال أن يوصي بتخصيص جزء من إيراداته الآتية من رسوم رمزية يتم فرضها على المستفيدين منه لتطوير وترميم المساجد أو لتوفير بعض احتياجاتها، والأجر في كل الأحوال على الله سبحانه وتعالى الذي لا يضيع عنده شيء. والأمر نفسه فيما يخص المشاريع الأخرى، حيث يمكن تخصيص جزء من إيرادات أو أرباح مصنع يقوم أهل الخير ببنائه وتشغيله لخدمة المساجد والمترددين عليها.
لعل في هذا أجر أكبر من الأجر المتحصل من بناء المساجد كونه يحقق مجموعة من الأهداف في آن واحد، دون أن يفهم من هذا أنه دعوة إلى التوقف كلية عن بناء المساجد، ذلك أن أعداد المواطنين والمقيمين في ازدياد دائماً ولا يمكن بالطبع التقليل من أهمية الأجر والثواب الآتي من بنائها.
ربما كان الأفضل أيضا قيام جهة تضم ممثلين عن الدولة والمجتمع مهمتها تقديم المشورة لكل ساعٍ للخير وتوفير المقترحات التي تفتح أمامه أبواب الخير الأخرى.

بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
23/08/2016
2551