+ A
A -
أعلن رئيس الحكومة التونسية المكلف يوسف الشاهد عن تشكيلة حكومته الجديدة والتي ضمت 26 وزيراً و14 كاتب دولة خلافاً للمتوقع من خلال تصريحاته السابقة حول التخفيض من عدد الوزارات وهو ما يبدو مدخلاً للتخلي عن الكثير من الوعود الأخرى التي ستذهب أدراج الرياح والحسابات السياسية والحزبية.
وفي قراءة أولية للتشكيلة الحكومية الجديدة يمكن أن نلاحظ جملة من النقاط الأساسية فقد احتفظ عدد من الوزراء المنتمين للحكومة السابقة بمواقعهم ونعني بهم وزراء الداخلية والدفاع والخارجية والتربية فيما انتقل بعض الوزراء إلى مواقع أخرى وتم تطعيم التركيبة الحكومية الجديدة بعدد من الوجوه الشابة وبثمانية من السيدات.
وقد حافظ حزب «نداء تونس» على حضوره القوي في الحكومة الحالية بالإضافة إلى مشاركة حركة النهضة وكان حزب الاتحاد الوطني الحر هو الغائب عن الحكومة الجديدة.. كما يمكن ملاحظة حضور بعض الوجوه المنتمية إلى قوى سياسية بعضها غير ممثل في البرلمان، وفي سياق الترضية للاتحاد العام التونسي للشغل تم منح منصبين وزاريين لشخصيتين نقابيتين كانتا سابقاً تشغل مواقع قيادية في اتحاد العمال.
والقراءة الأولية لهذا الإعلان تكشف أن الوعد الذي قطعه رئيس الجمهورية على نفسه بتشكيل حكومة وحدة وطنية لم يتحقق بصورة واضحة بقدر ما كانت حكومة ترضيات لشخصيات ذات حضور إعلامي وبعضها لا يملك رصيداً انتخابياً ولا كفاءة مهنية ولا خبرة سابقة في المجال الذي أسند إليه على النحو الذي نلاحظه في وزارات الفلاحة والرياضة والصحة والتربية وهي وزارات خدمية مهمة عانت الفشل طيلة تولي الحبيب الصيد لمنصب رئاسة الحكومة.
وتظل مشكلة برنامج عمل الحكومة هي الأكثر أهمية وتأثيراً خاصة في ظل تراجع النمو مقارنة بالسنوات الماضية حيث لم تزد على 0.5 بالمائة وتزايد حالات الاحتجاج الاجتماعي على خلفية البطالة المتفشية في صفوف الشباب.
ويبدو أن المسار الحالي للقوى الحاكمة في تونس يختزله أصحابه في تحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار السياسي والإجماع الحزبي حول إدارة المرحلة غير أن هذا التمشي يتجاهل خطورة الملف الاجتماعي المتفجر والذي لا ينتظر التأجيل.. حيث تم التركيز على الجانب الشكلي بعد حديث رئيس الحكومة المكلف عن حكومة تتكون من الشباب والنساء.
غير أن واقع الأمور لا يُدار بالمظاهر وإنما بالبرامج الناجعة والحلول الجذرية بعيداً عن سياسات الترقيع ومنطق التصريحات الإعلامية واللغة الخشبية التي لن تقنع الشارع. وإن حالة انعدام التجانس في تركيبة الحكومة الجديدة قد تكون عاملاً سلبياً لا يساعد على نجاحها، خصوصا أن المرحلة القادمة تقتضي اتخاذ إجراءات مؤلمة وفعلية في ملفات شائكة مثل قضايا الفساد المالي والإداري.. فالمرحلة الحالية حرجة بكل المقاييس وتقتضي خبرة في التعامل خاصة مع الوضع الاقتصادي الهش.. وفي انتظار ما سوف تقدمه هذه الحكومة من إنجازات فعلية يظل المشهد السياسي التونسي على حالته الأولى من التجاذبات والصراعات.
إن الوضع العام في تونس ما بعد التشكيل الحكومي الجديد لا يوحي بتقدم نوعي في الأداء الوزاري في ظل تراكم المشاكل الاجتماعية وتواصل التجاذبات السياسية والحزبية بالإضافة إلى التحديات الأمنية التي يطرحها الإرهاب وفي ظل الوعود الكثيرة التي قدمها رئيس الجمهورية في كلمته التي طرح فيها تكوين حكومة وحدة وطنية يظل مدى القدرة على الإنجاز وتحقيق تقدم في الملفات المختلفة هو الفيصل بين الشعب وحكومته.

بقلم : سمير حمدي
copy short url   نسخ
23/08/2016
2594