+ A
A -
يعود الحديث من جديد حول الشخصية التي ستتولى منصب المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية بعد المرشد الثاني آية الله علي خامنئي. عودة الحديث تأتي من الشخصية الإشكالية في نظام الجمهورية الإسلامية بالنسبة لكثير من الإيرانيين وهو هاشمي رافسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام وعضو مجلس خبراء القيادة. ما تم تناقله عبر وسائل الاعلام الإيرانية حديث عن صحة الجيل الذي أسس للجمهورية والذين بلغوا من العمر عتياً. ليست هذه المرة الأولى التي يظهر رافسنجاني قلقه على صحة المرشد وما سيحدث إذا ما حصلت وفاة دون حسم موضوع خليفته داخلياً.
الملفت للانتباه في هذا الجدل المتجدد أمران: الاول هو حدوث هذا الجدل لا سيما وان الدستور في مواده 107 و108 و109 يبين كيفية اختيار مرشد الثورة في حالة وفاته، كما يحدد الاجراءات التي ينبغي اتباعها. الثاني هو توقيت الجدل، فإيران انتهت من انتخابات مجلس خبراء القيادة الخامس والانتخابات البرلمانية قبل أشهر معدودة وتستعد للانتخابات الرئاسية والمحلية خلال شهر مايو من العام 2017
لقد لعب رافسنجاني دوراً في اختيار خامنئي مرشدا للثورة بعد الخميني، وثمة إشارات إلى العلاقة الخاصة بين الرجلين ذُكر منها على سبيل المثال حديث لخامنئي كيف أنه كان يتم اللجوء لرافسنجاني للحصول على المال في ساعات الضيق المادي، مثل هذه الإشارات تُذّكر بدور الرجل في أيام الثورة الاولى، وقد تم خلق منصب جديد له في مطلع التسعينيات بعد ان أنهى رئاسة الجمهورية وهو مجمع تشخيص مصلحة النظام.
لقد واجه رافسنجاني حرباً شرسة في الانتخابات البرلمانية ومجلس خبراء القيادة كان الهدف منها اسقاطه سياسياً، ولم تتوقف عند شخصه بل امتدت إلى اسرته وسجن ابنته فائزة وابنه الذي كان يدير مشروع سكة الحديد في طهران. هذه الحرب الشرسة بدأت منذ العام 1991 حيث بدأت المؤسسة العسكرية وتحديداً الحرس الثوري سعيها لأخذ دور في المشهد السياسي، وقد وقف رافسنجاني امام هذا الطموح، ومع دعمه للرئيس محمد خاتمي الذي كان يتفق مع رافسنجاني حول طبيعة دور المؤسسة العسكرية تزايدت الحرب المستعرة. مع تولي الرئيس محمود احمدي نجاد والذي نجح بدعم مباشر ومساندة من المؤسسة العسكرية تزايد استهداف رافسنجاني ومعه التيار الإصلاحي، ولأن موقف المرشد كان يبدو مؤيداً لمجيئ احمدي نجاد زاد التوتر في العلاقة بين الرجلين. ومع تولي حسن روحاني لم تنته هذه الحرب المستعرة على رافسنجاني والذي عبر في تصريحات تم تسريبها عن عدم رضاه عن مستوى التدخل الإيراني في سوريا وانتقاده لقتل السوريين من قبل النظام السوري.
لا يبدو حديث رافسنجاني وقلقه حول تعيين المرشد الثالث بلا سياق، فالرجل يتحدث في سياق ارسال رسائل سياسية للداخل بشكل أساسي يدافع فيها عن دوره الطليعي في التأسيس وأن هذا الدور لا يمكن تجاهله، كما أنه يبدو وكمن يظهر مخاوفه من عسكرة المشهد السياسي الإيراني أكثر لدرجة ان يؤثر ذلك في اختيار المرشد الأعلى الثالث في الجمهورية الإسلامية. رافسنجاني يظهر ادراكه لطبيعة التحالفات التي تمكن المرشد الأعلى من توطيدها لا سيما وانه في منصبه منذ العام 1989 أي حوالي 27 سنة، هي مسألة بالغة الاهمية وستؤثر على عملية انتخاب المرشد الأعلى الثالث.
الجدل حول عملية اختيار المرشد الأعلى الثالث للجمهورية الإسلامية وتوقيت الاختيار انما تعكس حالة الانقسام السياسي التقليدي في المشهد السياسي الإيراني، انقسام بين تيارين وجيلين -المسافة بينهما تتباين وفق طبيعة الملفات – لكنه سيلقي بظلاله على عملية اختيار المرشد الأعلى الثالث وربما مستقبل الجمهورية الإسلامية في إيران.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
31/08/2016
2581