+ A
A -
(1)
تقول الحكاية:
قام مجموعة من العلماء بوضع خمسة قرود في قفص واحد، وفي وسط القفص يوجد سلم، وفي أعلاه وضعوا بعض الموز.
في كل مرة يصعد أحد القرود لأخذ الموز يقوم العلماء برش باقي القرود بالماء المغلي، بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يصعد السلّم لأخذ الموز يقوم بقية القرود بمنعه وضربه حتى لا يتم رشهم بالماء.
بعد فترة لم يجرؤ أي قرد على أخذ الموز أو مجرد التفكير بصعود السلم خوفاً من الماء وعقاب بقية القردة له.
(2)
بعد فترة قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة ويضعوا مكانه قرداً جديداً، ولأنه لا يعرف النظام السائد في القفص، أول شيء فكّر فيه القرد الجديد هو محاولة صعود السلم لأخذ الموز، ولكن على الفور قامت القرود الأربعة الباقية بضربه وإجباره على النزول من السلم.
بعد عدة مرات من الضرب فهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب!
(3)
في مرحلة ثالثة: قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد، وحل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب وهو لايدري لماذا يضربه؟!!
(4)
استمرت العملية تدريجياً حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة، وصار في القفص خمسة قرود لم يسبق أن رُش عليهم الماء المغلي ومع هذا يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب!
في البدء كان الخوف من الماء المغلي.
لاحقاً صار الخوف داخل كل واحد منهم - من خطورة الاقتراب من السلّم - رغم أنه لم يجرب الماء المغلي.
وأخيراً، صارت «ثقافة» وطباعاً، تجعلهم يرفضون أي محاولة جديدة لصعود السلم..
صار على الفرد أن يتجاوز منع الجماعة والثقافة السائدة له قبل أن يفكر بالماء المغلي وصعود السلّم.
انتهى الوضع بهذا الشكل:
من يريد أن يأتي لهم بـ «الموز» يصبح هو خصمهم.. لا الذي يمنعهم من الوصول إليه..
وأي جديد يجب أن يتم تدجينه حتى لا يهدم النظام السائد في القفص، ويهدد أمن القرود.
(5)
هذه التجربة مذهلة ومخيفة!
وما يتم تطبيقه على القرود في تجربة علمية،يتم فعله بالبشر بأشكال مختلفة.
هناك من يخاف من صعود السلم لانتزاع الموز.. أو الحريّة.
هناك من لا يزال يعيش في قفص الاعراف والعادات والأفكار السائدة.
هناك من لديه استعداد - بسبب الخوف من الماء المغلي - أن يُحرّم أكل الموز!
هناك القديم الذي يرفض الجديد ويضربه ويقمعه لأنه يرى الأغلبية تفعل ذلك.
هناك ألف قفص..
وألف جالون من الماء المغلي..
والكثير من الموز الذي لا نستطيع الوصول إليه..
و.. هناك الكثير من القرود والتي لا تعلم أنها قرود!

بقلم : محمد الرطيان
copy short url   نسخ
01/09/2016
4131