+ A
A -
يبدو أن قدرات وأساليب النظام السوري في ممارسة الإرهاب لا تُعد ولا تُحصى، وطرق الوصول إلى أهدافه في كل الاتجاهات لا نهاية لها.
وهذا المنحى هو على الأرجح ثابت في سلوكياته، بغض النظر عن المكان والزمان والظروف، كما أنه بارع في تصدير الإرهاب. وهو يمارس أولاً الإرهاب والقتل الجماعي ضد شعبه السوري عبر شن الحرب عليه ورميه بالبراميل المتفجرة.
وبعد السوريين يشمل بشار الأسد بـ «عطفه» اللبنانيين، فيرسل لهم من وقت لآخر من يغتال ويفجر، بعد أن اضطر مرغماً إلى سحب جيشه من لبنان عام 2005 على إثر اغتيال رفيق الحريري. وهو لم يتوان بطبيعة الحال عن استعمال مختلف أشكال وأساليب الإرهاب، حتى بعد أن انتفض الشعب السوري ضده في مارس 2011، ففي شهر أغسطس 2012 ارسل مستشاره الشخصي اللبناني والوزير السابق ميشال سماحة الذي تجاوز الحدود السورية اللبنانية بسيارته محملاً بالقنابل والمتفجرات لاستعمالها في خطة وضعت لاغتيال مجموعة من الشخصيات، السُنّية تحديداً في شمال لبنان ومعها أيضاً البطريرك الماروني الذي كان سيزور محافظة عكار في حينه، وذلك بهدف تأجيج الفتنة المسيحية الإسلامية. ضبط سماحة بالجرم المشهود واعتقل وتمت محاكمته، وحكم بالسجن 10 سنوات، غير أن الرئيس السوري لم ينتظر طويلاً للانتقام لمستشاره؛ إذ بعد شهرين فقط تم اغتيال اللواء وسام الحسن رئيس الجهاز الذي ضبط سماحة متلبساً بالجريمة.
ولم يلهه الإمعان في إرهاب وقتل السوريين، فقد بقيت عين النظام السوري «ساهرة» على الوضع في لبنان؛ حيث أرسل في صيف 2013 ضباطاً من جهاز مخابراته لتحضير وتنفيذ جريمة تفجير مسجدين في طرابلس (أيضاً الشمال) كانا مكتظين بالمصلين يوم الجمعة، وذهب ضحية الجريمة 55 شخصاً. وكان هدف مخططي التفجير إشعال الفتنة مجددا بين أهالي طرابلس (السُنّة) وجيرانهم في جبل محسن (العلويين) التي دامت سنوات.
وهذا ما أثبته القرار الاتهامي الذي صدر قبل أيام عن قاضي التحقيق في الجريمة، والذي سمّى الضابطين بالاسم، فيما بدأ كثيرون يخشون على مصير القاضي «المغوار»!
غير أن مآثر النظام السوري لم تبدأ في السنوات الأخيرة ولن تنتهي مع اكتشاف ضلوعه في جريمة المسجدين؛ ففي الثمانينيات كان ينظم خطف الأجانب في بيروت، ثم يقوم بلعب دور الوسيط لتسليمهم إلى واشنطن.
وقد بدأت سلسلة الاغتيالات مباشرة بعد خروجه من لبنان؛ إذ اغتيل الصحفي والكاتب سمير قصير، ثم رئيس تحرير جريدة «النهار» جبران تويني وكرت سبحة اغتيال نواب ووزراء وسياسيين من قوى 14 آذار معروفين بمخاصمة السياسة والنفوذ السوري في لبنان. وبالتزامن مع الاغتيالات فتح النظام جبهة جديدة- قديمة، في مايو 2007، باستعماله مجدداً الورقة الفلسطينية، كما كان يفعل والده حافظ الأسد، عبر إرسال الفلسطيني «الإرهابي» والمنتحل لباس الأصولية «فتح الإسلام» المدعو شاكر العبسي لافتعال معركة في مخيم نهر البارد؛ حيث تحصن ضد الجيش اللبناني. ولكي يكتمل المشهد وحبائل تقويض سلطة الشرعية اللبنانية يقف أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله معلناً أن المخيم «خط أحمر» لا يحق للجيش تجاوزه. وقد سقط للجيش في تلك المواجهة التي استمرت أربعة أشهر نحو مائتين من عناصره، فيما «تمكن» العبسي من الفرار.
إنه غيض من فيض؛ فقد أتقن النظام السوري تصدير الإرهاب منذ عقود كي يسوق نفسه في ما بعد لدى الولايات المتحدة كـ «متعاون» في مكافحة الإرهاب؛ إذ كيف يمكن التعاون في مكافحة الإرهاب إذا لم يكن الإرهاب موجوداً، وهذا ما كان يحدث فعلاً بالنسبة للعراق طيلة فترة ما بعد الغزو الأميركي، ولا يزال التصريح الغاضب والشهير لنوري المالكي عندما كان رئيساً للحكومة في 2010 ضد بشار الأسد خير دليل على ذلك.. قبل أن يصبح الاثنين أصدقاء على ضبط الإيقاع الإيراني!
بقلم : سعد كيوان
copy short url   نسخ
06/09/2016
2829