+ A
A -

خلال هذه الأيام والأيام القليلة القادمة يبدأ العام الدراسي سواء في المدارس أو الجامعات في أنحاء متعددة من العالم. بداية يعود بموجبها الملايين من الطلبة إلى كراسي التعليم المختلفة. ومع عودة هؤلاء الملايين فإن الأسئلة وعوامل القلق تتواصل حول التعليم بشقيه المدرسي أو التعليم العالي في الجامعات. عوامل القلق أو الأسئلة تلك رغم تباين مناطقها الجغرافية أو العرقية أو الدينية فإنها في الحقيقة تبدو متشابهة إلى حد كبير.
تتحدث الدراسات عن أن حوالي ثلث عدد الأطفال- اكثر من 55 مليونا- الذين يجب ان يتوجهوا للتعليم الأساسي، لا تتوفر لهم فرص للتعليم. بعبارة أخرى لا يوجد أي نوع من البنية التحتية لكي يتعلموا. هذه النسبة تحول ظروف سياسية أو حروب أو عدم استقرار أو عوامل اقتصادية أو اجتماعية من حصولهم على التعليم. بالطبع الأرقام تبدو مفزعة إذا ما تم النظر إلى نسبة البنات اللواتي لا يحصلن على التعليم، اذ تظهر النسبة متدنية جداً من نسبة الثلث الذين لا يحصلون على تعليم. بالطبع تبدو المسائل الاجتماعية وغياب عوامل الاستقرار السياسي كعوامل تفسر هذا التدني.
في عالم اليوم ثمة مساران للحديث عن التعليم بشكل عام، مسار يتعلق بحق الجميع للحصول عليه، وهذا بالطبع نقاش مستمر يدفع الحكومات والمنظمات الدولية للاهتمام بالتعليم بغض النظر عن الجغرافيا أو العرق أو الدين. وهناك مسار يتجاوز مسألة الحق ومناقشتها إلى الحديث عن جودة التعليم ونوعية المُخرج التعليمي المتوقع للأنظمة التعليمية المتبعة في العالم. هذا المسار يتجذر حيث عوامل الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحيث الدول تعرف واجبها ومسؤوليتها نحو مواطنيها. الجدل في تلك المجتمعات يركز على نوعية المخرج التعليمي، مدى تميزه وقدرته على خدمة مجتمعه الصغير ومجتمعه الإنساني الكبير. في تلك المجتمعات تبدو مصطلحات كالمعايير والتصنيفات والجودة الأكثر رواجاً. هناك أيضا يبدو النقاش حول التعليم كحق مكتسب للمواطنين يجب ان يُقدم لهم ويلبي احتياجاتهم الحالية والمستقبلية.
الحديث عن التعليم كحق مكتسب يدفع للحديث عن المخصصات التي يتم وضعها عالمياً للتعليم. وفق بيانات البنك الدولي ما يخصص للتعليم من موازنات متواضعة بالنظر إلى التحديات التي تواجهها قضية التعليم سواء المدرسي أو الجامعي في العالم. الحديث عن ارقام متواضعة لا يعني انها غير كافية، ذلك أن المسألة متعلقة بضرورة زيادة المخصصات بالنظر إلى زيادة الفئة العمرية التي تحتاج إلى التعليم في العالم، وأن الزيادة المضطردة للسكان تستدعي زيادة مضاعفة للموازنات للاستجابة إلى حاجة المجتمعات إلى التنمية المستدامة التي يبقى التعليم يشكل ركناً اساسياً فيها.
التحديات التي تواجه التعليم المدرسي تمتد لتواجه التعليم الجامعي لا سيما وأن الجامعات هي أحد أهم مصادر تزويد القطاعات المختلفة في أي مجتمع بالكفاءات التي تستطيع تسيير أمور القطاعات الخدمية أو الاقتصادية أو السياسية. التحدي الذي يواجه التعليم الجامعي اليوم يتعلق بنوعية المُخرج الذي يحتاجه كل مجتمع. حتى نهاية القرن العشرين كان التركيز على من يحملون الدرجات العلمية باعتبارها إثباتا على التأهيل العلمي المتعلق بامتلاك المعرفة لكن الصورة تغيرت بشكل دراماتيكي وبدأ الحديث في اصلاح التعليم الجامعي يركز على تجاوز امتلاك المعرفة إلى امتلاك المهارات التي تعين في توظيف تلك المعارف التي يتحصل عليها الطلبة في سنوات الجامعة. من هنا ظهرت مهارات إتقان اللغات وإدارة الوقت والقدرة على التواصل والتفكير الناقد كمعايير تقيم من خلالها نوعية البرامج الاكاديمية المُقدمة للطلبة في العالم.
مع بدء العام الجامعي تعود ماكينة المراجعات والتحديث والجدل حول مسارات التعليم في معظم المجتمعات كل وفق ظروفه، أمر ينبغي النظر اليه بإيجابية طالما أنه سيدفع لتقديم تعليم أفضل.
بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
07/09/2016
2930