+ A
A -
ليس للدموع معنى آخر سوى أنك فائض، وأنا كنتُ فائضة بالمرارة، بعروبتي، بإسلاميتي، بهويتي التي تصارع من أجل البقاء ككائن آيل للانقراض. كل شيء في توب كابي يقول: أيها العربي، كنتَ هنا على الأرض، كنت موجودًا، كما تحب، وككل الألوان كنت ممتلئًا بلونك الخاص، حد النصاعة!
ألف عامٍ ويزيد، دخلت فيها الهوية العربية فرناً ملتهبًا، ثم طُرِقت بالحديد والمطارق. أي جسمٍ فيزيائي سيحتمل كل هذه المحاولات الفاشية للسحق أو لنقل التدمير؟
تأمل الوجوه الآن، الألبسة، اللغة، السلوكيات، العادات. ما الذي يمكننا أن نراهن عليه، كسمة مميزة للمسلمين العرب؟ إن أي قطعة في متحف توب كابي لو وضعت ضمن آثار العالم يمكن لأي منا أن يميز روحها الإسلامية. المخطوطات، المجوهرات، الكنوز، والعروش، الخزف، والأسلحة، والأثواب. ثم سيف عثمان، وسيف علي، هناك نائمان خلف الزجاج المكتوب عليه: ممنوع اللمس! لكننا لم نلمسهما فقط، نحن قبضنا عليهما، وجعلناهما يؤديان معركة من صنع خيالنا، أو الخيال الذي أراده لنا أعداء الإسلام والعروبة. جعلنا كل شيء يمارس مذبحة على مزاجنا. ثم امتلأنا رضا وبهجة. جعلنا «خير أمة» مجرد سيوف مشهرة في وجه بعضها، علي خصيم لعمر، وأبو بكر خصيم لفاطمة.. وهكذا. خلــّفنا الكنوز، الكنوز المعرفية والمادية، وانشغلنا في تأليف الملهاة الدرامية الدامية. منذها ونحن مكشوفو الصدر، مجردون من الحماية الذاتية. إنني هنا لا أتباكى على أمجاد، ولا أبكي على أطلال. فقط أتسائل: متى نحمي فرادتنا، متى ننتبه من غيبوبتنا وننقذ وجودنا من مباضع صهبون وأميركا وإيران وشرور أنفسنا أيضًا؟ متى نلقي بالسلاح ونمسك بالفأس والقلم والكي بورد؟ متى نصنع ثيابنا، أجهزتنا، غذائنا، صحوننا؟ مالذي يمكنه أن يجعلنا نحس؟ بغداد وبيروت تلتغان بالفارسية، سوريا واليمن تحذو حذوهما، فلسطين.. آه يا فلسطين، ويصمت كل الكلام! ليبيا، الجزائر والخليج، ساحات مشرعة لذات اليد، لنقف قليلاً.. نفكر ولو مرة كمؤسسات وأفراد. أن نلتقط ما تبقى من ملامحنا، نقول للعالم: نحنُ موجودون، نحن هنا على الأرض، كما نحب، وككل الألوان ممتلئون بلوننا الخاص، حد النصاعة!.

بقلم : كوثر الأربش
copy short url   نسخ
15/09/2016
3232