+ A
A -
كنت في مكتبتي في مدينة بيركلي/ كاليفورنيا عام 1983 أكتب في الفصل الثاني من كتابي «الخطيئة والتكفير»، حيث شرعت في تطبيق نظريات النقد الألسني على نموذجي الذي اخترته للدراسة، وهو حمزة شحاتة أو الشحاتية كما هي نتتجة بحثي عن منظومة أعماله، واندمجت مع شخصية حمزة شحاتة، ومع اندماجي في الكتابة أحسست أني تسللت إلى قلب حمزة شحاتة ونسيت نفسي تماما وأنا أسابق حركة أصابعي مع القلم وكلماتي تتسابق مع دموعي، نعم لقد كنت أبكي وأكتب وأخاتل دمعي كي أرى مواطئ الكلمات على الورق، وصارت الخامسة وهي حدي مع العمل اليومي للبحث، ولكني نسيت نفسي، ولم تنبهني زوجتي لموعد النهاية وموعد طاولة الطعام، وتركتني حتى فرغت تلقائيا قرب السادسة، ثم ذكرت لي أنها رأتني منهمكا وكرهت أن تكسر حالة التماهي مع الكتابة كما لاحظت دمعي واضطراب يدي على الصفحة.
تلك سيرة مرت علي مع شحاتة، والعجيب في الأمر أني لم أعد أتذكر الصفحة المحددة التي بلغت الذروة مع دموعي، وظللت لمدة أعود للفصل الثاني متلمسا أثر دموعي وأين هي على وجه التحديد ولكني أظل أتوه مع الصفحات والكلمات ولا أعرف أين كانت تلك الدمعات حتى لكأنها سر خاص تكشف لحظة ثم توارى، ولكن أثره على نفسي ظل مغروسا بحال من التماهي مع الشخصية ومع الكتاب.

بقلم : عبدالله الغذامي
copy short url   نسخ
17/09/2016
2791