+ A
A -

الإشكالية أن الجميع يرى أن له الحق في إسناد المنصب إليه، لكن لا يرى الحق للمجتمع أن يرى جردة حساب لما قدمه نظير هذا الاسناد وهذه الفرصة التي أتيحت له، المقصود هنا هو سرد التجربة بسلبيتها وإيجابيتها على الملأ أو في أوساط المجتمع ذات الشأن حتى يستفيد الجديد وتتراكم التجربة أمامه ويشعر بأنه ليس سوى مكمل للمسيرة وليس نبتا صحراويا بلا جذر، هؤلاء المسؤولون وهؤلاء الوزراء وغيرهم منذ أن بدأت قطر مسيرتها التنموية الادارية لم يجلس أحد منهم على كرسي الاعتراف ليقدم لنا تجربته العامة بسلبياتها وإيجابياتها، لذلك نحن نعاني وبشدة في جميع الأصعدة، هؤلاء المختفون بعد أن كانوا ملْء العين والبصر لم يقدموا شيئا معنويا للوطن، بل اكتفوا باللقب ومخصصاته، فأصبحوا عبئا على الموازنة لاغير، سنوات العمل لا تكفي البته، التجربة وتصديرها ورصدها أمام الجيل القادم هو المعنى الحقيقي للعمل الإداري والسياسي، سفراء عملوا في أكبر عواصم الدنيا وصانعة القرار تراهم يتسكعون في المولات، لم يتركوا لمن بعدهم سوى الكرسي خاليا، ويعيشون حالة من التذمر لسبب بسيط لأنهم لم يجلسوا على كرسي الاعتراف ويحكوا تجربتهم، وفي مفارقة سلبية يأتي برنامج الأخ حسن المهندي «البرواز» ليلتقي بعضا منهم وبدلا من وضع اسئلة مناسبة لكل على حدة حسب ما كان يشغله أي منهم من منصب، نجده يسأل عضو مجلس شورى سابقا عن متى حصل على «الليسن» رخصة السياقة، ويسأل سفيرا سابقا أو وزيرا سابقا عن الحداق وغير ذلك من الاسئلة التي ليست لها صلة البتة بطبيعة أعمالهم وتجربتهم الحقيقية السياسية والدبلوماسية أو الإدارية، ولا يتعرض البتة لصلب موضوع عملهم العام الذي يهم التجربة الادارية والسياسية في قطر، مع إصراره الدائم على مسمياتهم، سعادة السفير، وسعادة عضو مجلس الشورى...إلخ، ويعاد البرنامج عشرات المرات ولا نخرج بنتيجة، فلا الوزير أضاف لنا أو لمن بعده شيئا، ولا السفير وضع أمام المشاهد تاريخا وموجزا لعلاقة البلدين مع بعضهما البعض.
كل ذلك خوفا من كرسي الاعتراف لأنه ارتبط في أذهاننا سلبيا بالاعتراف عن خطأ أو خطيئة، بينما هو في علم النفس وسيلة للتعبير عن مكونات النفس أو العقل الباطن الذي يؤرق الإنسان، وهو ما نشاهده كما ذكرت اليوم في شكل تذمر يجتاح جميع من شغلوا مناصب كبرى في المجتمع الا قلة قليلة لاتخلو كذلك من الشكوى المستمرة، لو أنهم جلسوا على كرسي الاعتراف سواء تليفزيونيا أو صحفيا أو كتبوا مذكراتهم لمن هم بعدهم لوجدوا في ذلك راحة كبيرة، لأن ذلك جزء من رسالة الإنسان، نعم نقل التجربة جزء من رسالة الإنسان لمجتمعه، ولكنه الخوف من التعبير من يعتاد الصمت في وقت الكلام، يصبح كلامه شكوى وتذمر وحالة مرضية.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
27/09/2016
1751