+ A
A -
منذ انسحاب بريطانيا من شبه القارة الهندية في عام 1947 وقيام دولتي الهند والباكستان، والقنبلة الكشميرية تهدد بانفجار العلاقات بين الدولتين النوويتين. حصلت كشمير على اسمها من الشعوب الأولى التي سكنتها وهم قبائل الكاسا أو الناغا (الثعبان).
وتقول الأساطير إنها كانت بحيرة قام بتجفيفها بمعجزة المعلم كاسيا ابن ماريشي ابن براهما.
تروي أربعة كتب سنسكريتية الحقب التاريخية لكشمير، فكتاب «راجاتارينجي» يروي الحقبة الأولى حتى عام 1006، وفي كتاب «جواناراجا» تفاصيل واسعة عن الحكم الإسلامي حتى عهد زين العابدين في عام 1420، كما انه يتضمن وقائع عن محاولات الملك الهندي اشوكا تحويل كشمير إلى البوذية دون جدوى. وقد استمر الحكم الهندوسي فيها حتى عام 1346 عندما اُعدِم حاكمها «اودجاناديغا» على يد اميرشاه، اما كتاب «سريغارا» فيروي تفاصيل الحكم الإسلامي حتى فتح شاه في عام 1489، ويروي كتاب «راجانا ليباتاكا» مرحلة العهد المغولي الإسلامي حتى عهد الامبراطور اكبر في عام 1586.
ومن خلال ذلك يبرز السلطان الاسكندر على انه احد ابرز الحكام المسلمين في كشمير. فقد لقب «بوطشيكان»، وهي كلمة سنسكريتية تعني محطم الأصنام، وذلك بسبب تدميره المعابد الوثنية. وفي عهده غزا تيمور الهند فخضع له الاسكندر، ومنذ ذلك الوقت 1586 انتقلت كشمير إلى يد المغول.
بعد ذلك سيطر عليها الافغان، ثم سيطر عليها السيخ في عهد الملك رانجي سينغ في عام 1819. وتوالى عليها ثمانية حكام سيخ وهندوس وحاكمان مسلمان، كان ثانيهما الشيخ إمام الدين الذي حدثت في عهده حرب السيخ الأولى في عام 1846 مما مكّن بريطانيا من التغلغل في المنطقة تحت مظلة مساعدة احد طرفي الصراع - (المهراجا دوليب سينغ) في معركة سوبراون في شباط - فبراير 1846. وبانتصار دوليب وقعت معاهدة لاهور في مارس 1846 التي حصلت بريطانيا بموجبها على مساحة من الارض ومبلغ من المال يقدر في حينه بمليون ونصف المليون جنيه مقابل مساعداتها. ولكن المهراجا لم يستطع ان يدفع المال فقايض الحكومة البريطانية على استبدال المال بالمرتفعات الجبلية المجاورة للأرض التي حصلت عليها بما فيها كشمير. وهكذا اصبحت هذه المنطقة تابعة للتاج البريطاني.. إلى ان باعتها بريطانيا بنصف مليون جنيه فقط في عام 1846 إلى المهراجا الهندوسي «راج بوت».
استمر هذا الوضع حتى أغسطس 1947 عندما استقلت شبه القارة الهندية عن بريطانيا وعندها وقع الانقسام الإسلامي - الهندوسي ممثلاً بقيام دولتي باكستان والهند. وظلت كشمير موضع صراع بينهما. وقد حدث اول اشتباك في أكتوبر 1947 (اي بعد شهرين فقط من الانقسام) عندما دخلت إلى كشمير من جهة أولى قبائل هندوسية من الشمال الغربي وصلت حتى العاصمة سرينغار، ودخلت من الجهة الثانية القوات العسكرية الهندية معززة بسلاح الطيران.
حدث التقسيم على اساس ان مناطق الاكثرية الإسلامية تتبع باكستان. ومناطق الاكثرية الهندوسية تتبع الهند. كانت كشمير إسلامية بأكثريتها الساحقة. فاستنادا إلى احصاء بريطاني للسكان جرى في عام 1941، كان عدد المسلمين فيها 3 ملايين 73 ألفا و540 نسمة. اما عدد الهندوس فبلغ 708 آلاف و459 نسمة فقط. إضافة إلى 3 آلاف 79 مسيحيا، 29 ألفا 374 قبليا وثنيا 108 آلاف و74 من عقائد بدائية مختلفة.
بموجب ذلك كان يفترض ان تنضم كشمير تلقائيا إلى الباكستان. غير ان حاكمها المهراجا الهندوسي ووريث المهراجا راج بوت الذي اشترى المقاطعة من بريطانيا عارض الانضمام إلى باكستان. وعزّز هذا الرفض الطموح الشخصي لرئيس حكومتها المحلية في ذلك الوقت الشيخ محمد عبد الله ورئيس حزب المؤتمر الوطني الذي انضمّ إلى المهراجا الهندوسي خلافا لإرادة المواطنين المسلمين في طلب الانضمام إلى الهند.
أدى ذلك إلى وقوع اضطرابات دموية في الشوارع. فتراجع الشيخ عبد الله عن موقفه مما حمل السلطات الهندية على اعتقاله. وفي السادس من يناير 1948 رفعت الهند المشكلة إلى مجلس الأمن الدولي بحجة ان الباكستان تحرّض على الفتنة والانقسام وانها تدعم القبائل التي تهاجم كشمير من الشمال الغربي. وفي العاشر منه اصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بوقف اطلاق النار دون ان يقدم حلا. فبادرت الهند إلى ضمّ كشمير اليها بعد شهرين من الانفصال (الهندي الباكستاني ). ومراعاة للوضع الخاص في كشمير، تضمن الدستور الهندي في المادة 370 منه تعهداً بمنح كشمير حكما ذاتيا ولكن ذلك لم يتحقق حتى الآن.
طالبت التدخلات المتتالية لمجلس الأمن الدولي مرتين اجراء استفتاء عام لتقرير مصير كشمير. غير ان الهند التي تعرف ان استفتاء من هذا النوع بإشراف دولي سيكون بالتأكيد في غير مصلحتها، رفضت تنفيذ قرارين صدرا بذلك، مما أدى إلى تفاقم المشكلة التي لا تزال دون حل حتى اليوم.
لا تستطيع الهند التخلي عن كشمير التي تحتل موقعا استراتيجيا في نقطة تلاقي الهند والصين والباكستان. كما ان كشمير بالنسبة اليها تحمل جزءا عزيزاً من تاريخها القومي اذ انحدرت منها عائلتا غاندي ونهرو. كذلك فإن الباكستان لا تستطيع ان تدير ظهرها للأكثرية الساحقة من أهلها المسلمين الذين يشكلون حوالي 85 بالمائة من السكان.
كذلك لا تستطيع الباكستان التخلي عنها لسببين رئيسيين: الأول هو الشعور بأن التخلي عنها هو تخلٍ عن الأكثرية من سكانها المسلمين. أما الثاني فهو ان كل الأنهار التي تعيش الباكستان على مياهها تنبع من المرتفعات الكشميرية.
غير ان هذه المرتفعات التي توصف بأنها «جنة الله على الأرض» تهدد بصراع نووي بين الهند والباكستان اللتين يمكن وصفهما بأنهما «شعب واحد في دولتين».

بقلم : محمد السماك
copy short url   نسخ
06/10/2016
3644