+ A
A -
تعتبر الانتخابات الرئاسية الاميركية الأهم بالنسبة إلى مسيرة التواصل الاميركي الإيراني خلال العقدين الماضين. فمنذ تولي الرئيس الإيراني الأسبق سيد محمد خاتمي دخلت الانتخابات الرئاسية الاميركية كأحد المعطيات التي تنظر لها طهران في سياق نظرتها لمستقبل علاقاتها الخارجية. فالرئيس الذي يُنتخب والإدارة التي تتولى مقاليد الامور مطلع العام 2017في واشنطن تحددان مسار العلاقة مع طهران خلال الأعوام 2017-2021. هذه الأعوام الأربعة تبدو ذات أهمية كبيرة لا سيما في ظل التطورات السياسية الإقليمية والعالمية.
ان تغير الإدارة الاميركية من شأنه أن يلقي بظلاله على المشهد الدولي وذلك بما لواشنطن من وزن سياسي واقتصادي، لذلك فإن الخطاب السياسي للإدارة أمر تترقبه طهران حتى تتعامل معه بما يتناسب مع تعريف النظام السياسي في طهران لمصالحه. ما يبدو واضحاً أن الإدارة الاميركية للرئيس باراك أوباما لم تفعل لإيران الا آنها قدمتها للمجتمع الدولي ووضعت عليها جملة من التعهدات التي من شأنها ان تتحول إلى أعباء سياسية على النظام بالنظر إلى تأخر قطف ثمار الاتفاق النووي. المرشحان هيلاري كلينتون ودونالد ترامب لديهما تحفظاتهما على إيران والاتفاق النووي. بالطبع ترامب يبدو أكثر تشدداً لا سيما وأنه هدد بتمزيق الاتفاق اذا ما استقر به الامر في البيت الأبيض. على صعيد متصل فإن الإدارة الجديدة ومدى استجابتها للضغوط والابتزاز الإسرائيلي سيحددان شكل موقف الإدارة من التعامل مع الاتفاق النووي وتبعاته. ما يجب الإشارة اليه بشكل جلي أن شخصية الرئيس يمكن ان تقود ملف إيران إلى اتجاهات لا ترغب فيها الجمهورية الإسلامية، اتجاهات يغلب عليها التشدد والتدقيق في تنفيذ جزئيات الاتفاق أو ربما الدفع باتجاه مراجعات معينة اذا ما ثبت عدم تعاون طهران في بعض جزئيات الاتفاق.
تأثير الإدارة الجديدة سلباً أو إيجاباً على المشهد الإقليمي لا سيما الملفات الساخنة كالسوري والعراقي واليمني سيكون له صداه الكبير في طهران. ما يبدو واضحاً ان مواقف إدارة أوباما من الملفات الإقليمية لم تكن مزعجة لطهران كثيراً وأنها كانت تستطيع التعامل معها. لكن لا يمكن الجزم حول الإدارة الجديدة وطبيعة أولوياتها السياسية. غير بعيد عن الملفات الإقليمية الملتهبة يبدو ملف أسعار النفط الذي يعطل إلى حد كبير فرص إيران في قطف بعض ثمار الاتفاق النووي. ما كانت تأمله طهران أن يتم الاتفاق في ظل الأسعار العالية للنفط وهو ما لم يحدث، لا بل على العكس أصبحت أسعار النفط تحدي جديد لإيران اقتصادياً من حيث عدم القدرة على الحصول على العائد من مستوى انتاجها المتزايد منذ رفع العقوبات.
إن شخصية الرئيس والإدارة الجديدة في واشنطن ستترك آثاراً ملموسة على الانتخابات الرئاسية الإيرانية الثانية عشرة التي ستعقد في شهر مايومن العام 2017هذا التأثير يكمن في طبيعة الخيار الذي سيرتضيه النظام بالنسبة للرئيس الإيراني في الفترة 2017-2021.من تجربة السنوات السابقة يبدو جلياً أن تشدد الإدارة الاميركية القادمة سيدفع باتجاه رئيس أقل مرونة وكذلك أقل دبلوماسية في إيران.
بالنظر إلى المشهد السياسي الدولي والإقليمي المتفاعل والمتغير، وكذلك حالة السيولة السياسية في المواقف، فإن نتائج الانتخابات الرئاسية ستكون تحديا على مستويين مختلفين: الاول اذا ما حاولت الإدارة الاميركية نوعاً من الدفع نحو انفتاح عالمي نحو طهران فإن ذلك سيواجه عقبات تشريعية وسياسية في النظام السياسي الإيراني تعكس الخشية من الانفتاح على الغرب بشكل سريع لما لذلك من تبعات اجتماعية وثقافية لا يريدها النظام. اما الثاني فيتعلق بالتشدد نحو إيران، الامر الذي سيعطل الاستفادة المرجوة من نتائج الاتفاق النووي والذي بالضرورة سيحرج النظام داخلياً ويزيد من اعبائه السياسية والأمنية.

بقلم : محجوب الزويري
copy short url   نسخ
12/10/2016
2507