+ A
A -
الجرائم التي يرتكبها الغربيون، سواء في بلادهم أو بلاد الآخرين، وخصوصا إن أفضت إلى الموت تفسر عادة على أن فاعلها يعاني من اضطرابات عقلية، فالاضطرابات العقلية لا يصاب بها إلا الغربيون بينما الإرهاب لا يقوم به إلا من كان عربيا مسلما. في مفهومهم أن الجريمة لا ترقى إلى مستوى الجريمة لو أن الذي قام بها غربي لأنها تكون قد حدثت غصبا عن الذي ارتكبها، أي أنه لو لم يكن يعاني من اضطرابات عقلية لما تورط بهذا العمل، وفي مفهومهم أن الجريمة كبيرة لو أن الذي قام بها عربي مسلم. وأيا كانت نتائج الجريمة فإن مرتكبها الغربي يخرج منها كما الشعرة من العجين بمجرد القول إنه يعاني من اضطرابات عقلية، وأيا كانت أسباب الجريمة فإن من قام بها يحكم بالإعدام بمجرد تبين أنه عربي مسلم. يحدث هذا في تلك البلاد المتقدمة.
ذات مرة سألني عربي يقيم في إحدى الولايات الأميركية عن انطباعاتي عن أميركا التي كنت أزورها فقلت إنني وجدت الكثير من الأمور اللافتة وأبرزها أن الكل سواسية أمام القانون، فالقانون هنا لا يفرق بين أميركي وغير أميركي. ابتسم ابتسامة غامضة وقال بهدوء إن هذا هو الظاهر لكن الحقيقة تختلف، فدهشت. قال سأعطيك مثالا يزيل دهشتك.
تحدث عن القضاء الأميركي فقال إن من يرتكب جريمة ما تتم معاقبته بغض النظر عن جنسه ولونه وأصله وفصله وجنسيته، لكن واقع الأمر مختلف، فالقاضي لا يحكم بنفس الحكم في نفس القضية لو تغير المجرم. قلت هل هذا لغز؟ قال لا، ولكنه من الأمور التي لا يعرفها الكثيرون عن العدالة في الغرب إجمالا وليس في أميركا وحدها. أضاف، الحكم الذي يصدره القاضي ضد المجرم لو كان أميركيا يختلف عن الذي يصدره ضد المجرم لو كان من أصول لاتينية، ويختلف عن الحكم الذي يصدره ضد المجرم لو كان عربيا أو مسلما رغم أن الجريمة واحدة. يفعل ذلك من دون أن يخل بالقوانين! قلت كيف؟
قال إن العقوبة درجات، والقاضي في هذه البلاد يحكم بأقصى العقوبة على المتورط في الجريمة لو كان عربيا أو مسلما، بينما يحكم بعقوبة متوسطة على المجرم لو كان أميركيا من أصول لاتينية، ويحكم بالعقوبة الأدنى لو كان المجرم أميركيا، وفي أحيان كثيرة يفلت المجرم الأميركي من الكثير من العقوبات من باب أنه مختل عقليا بينما ينال العربي المسلم أقصى العقوبة حتى إن ثبت بالفعل أنه مضطرب عقليا فهو يندرج تلقائيا تحت مسمى إرهابي.
ليس دقيقا ما تسمعونه عن العدالة في أميركا وفي الغرب، قال صاحبي، فهناك تفاصيل ينفذ منها الغربي أيا كانت جريمته، وتفاصيل توصل العربي المسلم إلى حبل المشنقة حتى لو لم يرق الجرم الذي ارتكبه إلى مستوى الجريمة. الأول معرض للإصابة بالاضطرابات العقلية والثاني إرهابي!
بقلم : فريد أحمد حسن
copy short url   نسخ
27/10/2016
2744