+ A
A -
أثارت جولة غير مسبوقة قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس في شرق إفريقيا الكثير من التحليلات في المغرب وخارجه. الجولة شملت كلا من رواندا وتانزانيا، وكان من المقرر أن تشمل أثيوبيا أيضاً، لكن هذه الزيارة ألغيت في آخر لحظة، لأسباب لم يتم التطرق إليها.
المغرب دولة إفريقية. هذا الأمر صحيح تاريخياً وجغرافياً. ربطت المغرب وشائج قوية مع دول «جنوب الصحراء» في الماضي، كما في الحاضر، خاصة دول غرب إفريقيا، وتحديدا الدول الفرانكفونية «السنغال، ساحل العاج، مالي، وإلى حد ما الغابون».
في هذه الدول توجد جاليات مغربية نشطة مثل ساحل العاج. علاقات المغرب مع دول جنوب الصحراء تأثرت كثيراً بعد انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية في سبتمبر عام 1984، بسبب التوتر المصطنع في شمال غرب إفريقيا، على الرغم من ان المغرب حرص على استمرار علاقاته الافريقية حتى وهو خارج المنظمة، ثم وهو خارج الاتحاد الإفريقي الحالي.
الظروف الاقتصادية الصعبة التي مرت وتمر بها دول جنوب الصحراء جعلت المغرب يتقاسم معهم نسبياً فقرهم، حيث ظل آلاف الفقراء يزحفون نحو المدن المغربية للعبور إلى أوروبا، لكن البحر بقي صاحب النصيب الأكبر.
حدث للمغرب مع هؤلاء القادمين من بلاد الفقر ما توقعه الاقتصادي الباكستاني اللامع محبوب الحق، الذي قال «إذا لم تنتقل الفرص إلى أرض الفقر فسينتقل الفقر إلى أرض الفرص»، حيث بدت للشباب الافريقي التائه الذي يريد الوصول إلى الشاطئ الآخر بقوارب مهترئة، أن المغرب هو بلد الفرص لأنه يتيح القفز إلى الجنة الأوروبية. ولم يضف تسلل هؤلاء الشباب إلى المغرب سوى المزيد من البؤس لبعض الأحياء التي تشكو هي أصلاً من البؤس والعوز.
لكن لا تعتقدوا أن هذه المشكلة تؤرق فقط الأفارقة أو المغرب أو دول شمال إفريقيا التي يزحف اليها هؤلاء الفقراء. بل هي تؤرق كثيرين، ليس من بينهم للأسف الحكومات الأوروبية التي بلغت بها الجرأة أن طلبت من السلطات المغربية احتضان معسكرات تستقبل الذين يتم طردهم وترحيلهم من أوروبا. هذه الدول التي صالت وجالت في القارة الإفريقية ونهبت ما نهبت واستعبدت ما استعبدت، حين يصل إليها شباب يائس تريد إعادتهم في أقفاص مثل القرود، إلى معسكرات في المغرب، تمهيداً لترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.
لماذا لا يقوم هؤلاء الأوروبيون بهذا العمل؟ أي نقل الشباب إلى بلدانهم الأصلية. هل وجه المغرب دعوات لهؤلاء التعساء على عناوينهم البريدية ثم بعد أن وصلوا إلى الديار المغربية طلب منهم ان يعبروا البحر لأن النعيم في انتظارهم.
مشكلة هؤلاء البؤساء اهتمت بها منظمات حقوقية وازنة، من بينها منظمة «هيومان رايت واتش»، وبتأثير من هذه المنظمات أبدت جمعيات خيرية في أميركا وكندا وأوروبا الشمالية (السويد، النرويج، والدانمارك)، وهي الدول التي لم تستعمر أحداً، استعدادها للمساعدة في إيجاد حلول. وكما هي العادة في الغرب طُلب من معهد أبحاث مرموق إعداد دراسة شاملة للوضع. تكليف معهد يوجد في ولاية واشنطن (غرب الولايات المتحدة) جعلني أخمن ان بيل غيتس صاحب شركة مايكروفست ورئيس أغني جمعية خيرية في العالم ربما يكون وراء المبادرة.
مثل هذه المبادرات هي التي يمكن أن تساعد في الحل وليس مبادرات الأوروبيين الذين ما يهمهم هو عدم قبول بلدانهم بهذه «النفايات البشرية».

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
29/10/2016
2934