+ A
A -
تطلب الأمر ما يربو على العقد من الزمن بالجزيرة العربية لأعتاد على التلفظ «بعمو «عوضاً عن أنكل» ذاك المصطلح المعتمد في بيئتي المدنية بالقاهرة.
فرغم جذوري الصرف ريفية، إلا أننا أبناء المدن قد اعتدنا على مناداة الأكبر منا «بتانت وأنكل» عوضاً عن «عمو أو خالتو»، ولكم أنكلت الغرباء والأقارب.
ولا أجد سبباً لنفوري السابق من تداول المصطلح العربي اللهم إلا العادة، التي تتسيد أفعال الإنسان إلا إذا استبصر نفسه من بعيد لرؤية أفعاله بصورة أوضح للحكم على صوابيتها.
وما أن شرعت في التأقلم على المناداة «بعمو» إلا ووجدتني أمام تحدي وجود شخص مؤهل- عمرياً- أستطيع معه تداول هذا التعبير.
وفي ريف مصر، كنت أتعجب لقولهم: «عمه أخو أبوه» ثم أدركت أن هذا للتفريق بين العم الحقيقي و«الأنكل أو العمو» الذي نعنون به صغاراً في المدن أي غريب نقابله.
ما سبق يفسر لنا تضييق الشعراء كما العلماء على ما يقرونه علماً أو شعراً.
فلا يقبل شاعر تمرس في بحور الشعر وعلم القوافي، النحو، البلاغة وتدرب على الأوزان والتفعيلات، أن يأتي نكرة كان أو معرفة، فيكتب عبارة مسجوعة أو «كلمتين حلوين» مدعياً أن هذا شعر حر.
وبالتعبية يتشدد العلماء في التفريق بين العلوم
SCIENCE
والعلوم الزائفة
PSEUDOSCIENCE
فيضعون شروطاً صارمة تخضع أي نظرية لتجارب منهجية، نتائجها دقيقة ومراجعة، مع عدم التعامل مع النتائج على أنها حقائق بل مجرد نتائج قابلة للدحض لو أثبت عكسها، نظراً للكثير من الممارسات غير الأخلاقية التي تبناها الساسة مستغلين العلم كدليل يرتكزون عليه كحجج لقراراتهم.
ففي عشرينات القرن المنصرم، استخدمت أميركا مقولة هربرت سبنس «البقاء للصلح»
«SURVIVAL OF THE FITTEST»
المستخلصة من نظرية داروين، لتعقيم الآلاف بعد عمل امتحانات للذكاء لهم، مستخدمة تجربة العالم الفرنسي «بينيت» الذي وضع أول اختبار للذكاء العملي لدراسة عمليات الذاكرة لدى الأطفال.
وقد كان عمل «بينيت» نابعا من دوافع خيرية لمساعدة الطلبة ذوي التحصيل المتدني. وحيث لم تكن أبحاث «بينيت» مقرة في فرنسا خلال حياته، إلا أن اختصاصي تحسين النسل الأميركي «جودارد» نقل الدراسة لأميركا، فاستخدمت للحد من تكاثر الحمقى!
بقلم : داليا الحديدي
copy short url   نسخ
29/10/2016
2803