+ A
A -
مع تقدم القوات العراقية مدعومة بما يسمى بالحشد الشعبي نحو الموصل وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش، ومع توقع الجميع لمعركة غاية في الشراسة سيسقط فيها ضحايا كثيرون من المدنيين فإن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو إذا ما كانت الحكومة العراقية المتهمة بتنفيذ اجندات خارجية لأطراف أخرى أبرزها إيران مستعدة للتعلم من اخطائها الكارثية والمضي قدما نحو عقد اجتماعي جديد قد يساهم في وضع العراق على بداية الطريق الصحيح.
لقد تميز عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بكونه الأسوأ في تاريخ العراق المعاصر، بل قد لا يكون من المبالغة القول بأنه أسوأ من عهد صدام حسين اذا ما اخذنا الظروف الدولية والاقليمية في عين الاعتبار، فالمالكي الذي حكم العراق لسنوات طويلة بدعم اميركي وغربي كان بوسعه السير بالبلاد إلى بر الامان لو انه وضع احقاده الطائفية جانبا وتعامل مع العراقيين بوصفهم ابناء وطن واحد، ولجنب العراق الوقوع في براثن الجماعات المتشددة التي رآها البعض حتما أكثر رحمة من ميليشيات الموت الطائفية.
إن أية تضحيات قد يبذلها الجيش العراقي اليوم لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة داعش لن يكون لها أي معنى أن لم ترافقها قناعة حقيقية بضرورة تغيير المنهج الاقصائي الذي حكم عقليات الساسة العراقيين طوال العقد الماضي، فالمناطق التي سيتم استعادتها اليوم قد تسقط ثانية في يد جماعات متطرفة أخرى مستقبلا، اذا لم يبذل جهد حقيقي لبناء عراق جديد قائم على التعددية والمساواة بعيدا عن المحصصات والتمييز على اساس العرق والمذهب والدين.
من المؤسف حقا أن تواجه دولة نفطية غنية مثل العراق ترتكز على إرث حضاري وثقافي كبيرين مثل هذا المصير الذي يهدد بتقسيم العراق بل وتحوله إلى دولة فاشلة لسنوات طويلة قادمة.
لقد أثبتت تجارب الدول الأكثر تحضرا، في آسيا وأوروبا أن بوسع دولة متعددة الاعراق والثقافات والاديان أن تحقق نجاحات مذهلة دون المساس بحقوق مكوناتها المختلفة ودون التفريط في سيادتها أو قرارها لصالح قوى أخرى، وان التنوع قد يكون مصدرا للثراء والنمو بدلا من أن يكون بداية للانقسام والدمار.
إن معركة الموصل لن تحقق أيا من اهدافها إذا ما تم توجيهها وقيادتها بالفكر الطائفي «الحشدي» المعتاد، فما لم تتغير السياسات والممارسات والأفكار فإن عقودا أخرى من الفشل ستلاحق بلاد الرافدين.

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
02/11/2016
2448