+ A
A -
مثَل وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب لسدة الحكم في الولايات المتحدة، تحولا كبيرا،ألقى بظلال الشك حول مستقبل العلاقات الدولية،دور واشنطن على أكثر من صعيد.
دول الاتحاد الأوروبي في حالة من القلق على مستقبل التحالف الأطلسي،ومستقبل التعاون الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. المكسيك وكندا تظهران قدرا كبيرا من الخوف على مستقبل علاقاتهما مع الجار الأميركي. حالة الترقب والقلق، بلغت أقصى القارة الأسيوية، وهكذا بدا أن زلزالا كبيرا يوشك أن يضرب النظام العالمي القائم، ويهز قواعده المستقرة منذ عقود.
مرد ذلك الشعور مواقف الرئيس الأميركي الجديد، من قضايا الهجرة،وحلف»الناتو»والعلاقات مع الصين، ووعوده الشعبوية ببناء جدار عازل مع المكسيك،وإلغاء الاتفاقيات التجارية مع كندا،والانفتاح على روسيا، بعد موجة غزل برئيسها فلاديمير بوتين، وأقرانه في أكثر من دولة.
للشرق الأوسط ومنطقتنا العربية نصيب وافر من وعود ترامب،وإذا مالتزم بها حقا فإن العلاقات العربية الأميركية ستكون على المحك.
في أكثر من محفل أوروبي وعالمي، يعكف خبراء وساسة ومراكز دراسات متخصصة، في تحليل ظاهرة ترامب، والتحولات المحتملة في السياسية الأميركية على الصعيد الدولي،فماحدث بدا وكأنه تطور مفاجىء، في ضوء تقديرات سابقة شبه مؤكدة بفوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وتسعى معظم الدول المعنية في الشرق والغرب، لوضع سلسلة من الخيارات والاحتمالات للتعامل مع القرارت المتوقعة للإدارة الأميركية الجديدة، ومقاربة مصالحها مع واشنطن في ضوء هذه المتغيرات،واحتواء الأثار السلبية الناجمة عن خطوات متهورة طالما وعد ترامب خلال حملته الانتخابية باتخاذها.
دول المنطقة العربية، ماتزال تحت تأثير الصدمة والمفاجأة،ولم تتحرك بعد لاستطلاع وتحليل توجهات إدارة ترامب تجاه القضايا العربية، والعلاقة مع دول المنظومة العربية في المستقبل.
وإذا كان من تحركات في هذا الشأن، فهى في الغالب فردية،وغير منهجية، وتخضع لحسابات ضيقة، لاترى الصورة كاملة وشاملة.
الدول العربية تستعد لعقد قمة عربية في العاصمة الأردنية عمان أواخر شهر أذار»مارس» من العام الجديد،أي بعد نحو شهرين على تسلم دونالد ترامب رسميا مقاليد السلطة في البيت الأبيض.
الفترة التي تفصلنا عن الحدثين حاسمة ومهمة،ويمكن أن تشكل موسما مهما للجامعة العربية، لتقوم بدورها في تكليف فريق من الساسة والخبراء العرب من مختلف الدول العربية، لدراسة التغيرات المحتملة في السياسة الأميركية حيال العالم العربي وقضاياه، وتقدير التوقعات بهذا الشأن، والسيناريوهات المحتملة. على أن يضع فريق الخبراء هذا أمام الزعماء العرب في قمتهم،تقريرا شاملا يتضمن، قراءة في السياسة الأميركية تجاه القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأزمة في سورية،إلى جانب حزمة من التوصيات لكيفية إدارة العلاقة مع واشنطن في عهد ترامب،بما يكفل ضمان المصالح العربية،والاستعدادات السياسية والخطوات الدبلوماسية المطلوبة للرد على التحديات المحتملة، للمتغيرات في تواجهات واشنطن.
مثل هذا الأمر سيمكن الدول العربية من وضع خطة استراتيجية متكاملة للتعامل مع واشنطن، وتجنب ردات الفعل غير المحسوبة،او الاجتهادات الفردية، ويفرض على إدارة ترامب أخذ الموقف العربي على محمل الجد،وكبح جماح القوى اليمينية، التي ستسعى لفرض أجندة الحل لقضايا المنطقة على حساب حقوقنا ومصالح شعوبنا.
ينبغي أن نظهر ومنذ البداية قدرا من الندية والجدية مثلما هو حال قوى دولية كبرى تتحرك اليوم دفاعا عن مصالحها.وستكون القمة العربية المنصة المناسبة لإصدار بيان واضح وصريح يحدد قواعد اللعبة مع واشنطن،ويرسم الخطوط الحمراء التي لايقبل العرب بتخطيها، وصياغة علاقة جديدة مع الإدارة الأميركية، قبل أن يفرض غيرنا شكل هذه العلاقة بمالا يتناسب ومصالحنا.العالم يتغير وعلينا أن نستعد لهذا حتى لانكون أمة منسية على المسرح الدولي.
بقلم : فهد الخيطان
copy short url   نسخ
17/11/2016
2956