+ A
A -
العالم الذي لم يتوقع أن يصبح دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، يقف اليوم صامتاً عن الخوض في أي توقعات أخرى. ولا أعلم هل هذا الصمت من هول الصدمة أو بسبب فقدهم الثقة بتوقعاتهم التي انهارت بالضربة القاضية من قبضة الرئيس المنتخب ترامب.
كل الاحتمالات واردة مع الرئيس ترامب، وكل التحالفات كذلك واردة، فالرجل معجب ببوتين روسيا وكاره لإيران وحاقد على المسلمين وعدو للإرهاب ورافض لتدخل أميركا في الموصل وإلى آخر هذه المواقف التي يناقض بعضها بعضاً!
ومن خلال تحليل تلك المواقف المتناقضة، يتضح لنا أن الرجل لا يحمل أي موقف واضح وصريح باستثناء بعض المواقف العامة التي تصلح للاستهلاك الانتخابي فقط، وبالتالي يبدو لي أن الرجل قابل للاستقطاب، والموضوع بالنسبة له صفقة، فالذي يقدر على إقناعه بربحية صفقة التحالف معه سيكون هو الفائز بالتحالف مع أميركا، على عكس أوباما الذي تنازل عن تحالفات أميركا الاستراتيجية «الرابحة» وسمح لروسيا بالتمدد هنا وهناك تحت أمر شعارات جوفاء. ولا غرابة أن يكون ترامب قابلا للاستقطاب كما أرى، فهو التاجر العملاق الذي يجيد التعامل مع الصفقات الرابحة وحتى الخاسرة، ويتعامل مع كل الأمور بواقعية حادة، حتى أنه يعتبر تهربه الضريبي ذكاءً! ويبدو لي أن دول مجلس التعاون ستعرف كيف تقدم له الصفقة المناسبة لاستقطاب رجل بهذه المواصفات، فهي الدول التي تملك أطول سجل علاقات مع أميركا ورؤسائها وهي الدول التي عانت طوال السنوات العجاف لرئاسة أوباما، وبذلك هي مستعدة لبذل المستحيل دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً لتحييد الولايات المتحدة عن التخادم الفاضح بينها وبين جمهورية إيران وأتباعها في الشرق الأوسط.
كانت ليلة انتخاب دونالد ترامب صفحة أولى في كتاب تاريخ جديد لرحلة الإنسان الأول، وكم تحتاج تلك الليلة للدراسة العميقة والمستفيضة على كافة مستويات العلوم الإنسانية لأخذ العبرة وتحليل الواقع لنتمكن من التنبؤ بمستقبل هذا الواقع الصادم، فالمستقبل الذي يصنعه هكذا واقع لن يكون من السهل التنبؤ به! ولله الأمر من قبل ومن بعد.
لا يفوتني أن أتقدّم لسلطنة عمان الشقيقة قيادةً وحكومةً وشعباً بالتهاني الجزيلة والتحايا الجليلة بمناسبة اليوم الوطني للسلطنة. مزيداً من التقدم والازدهار يا عمان المحبة والسلام.

بقلم : صلاح العرجاني
copy short url   نسخ
18/11/2016
5476