+ A
A -
في الحرب الدائرة حالياً لتحرير مدينة الموصل العراقية من تنظيم «داعش» تلتقي عدة قوى هي: الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، وقوات البيشمركة الكردية، وقوات السنّة المحلية، والمسيحيين، والأزيديين، وميليشيات شيعية، بعضها -كما تفيد الأنباء-يلقى دعماً إيرانياً..
وحتى هذه اللحظة، فإن هذه القوى المختلفة، تلتقي حول هدفٍ واحدٍ، هو: التخلص من داعش، لكنها تختلف حول ما يجب حدوثه بعد ذلك.
حاكم مقاطعة «نينوى» السابق «إثيل نوجيفي» الذي شكّل قوةً من عدة آلاف عنصرٍ تدربوا على أيدي خبراء عسكريين أتراك، يرى أن المقاطعة، يجب أن تُعطى قدراً أكبر من الحكم الذاتي في الإدارة، تماماً كإقليم الأكراد في شمال وشرق المقاطعة، في حين اقترح الزعيم الكردي «مسعود برازاني» تقسيم نينوى، إلى ثلاث مقاطعاتٍ صغيرة، وإجراء استفتاءاتٍ لتقرير مصيرها: أهو الاتحاد مع الحكومة المركزية في بغداد، أم الحكومة الكردية في أربيل؟ أما زعماء طائفة الشيعة في بغداد، فإنهم يروْن إبقاء نينوى على ما هي عليه، لكن بعضهم يحبّذ فكرة منح المقاطعة مزيداً من حق الحكم الذاتي.
هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، فإن مشكلاتٍ أكثر مدعاة للانشقاق تبرز على السطح بقوةٍ وتتعلق بنواحٍ اجتماعية، وسياسية، وقبلية، وتتمثل في كيفية مواصلة الأعمال في القطاعين:الشُّرَطي والأمني، وتأمين الخدمات، وإعادة المبعدين، إلى منازلهم، وإعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمارٍ في القرى والنجوع.. وإذا لم يتم رأب الصدع في هذه الخلافات، وأوجهها، فإن الأوضاع تكون مهياةً لمزيدٍ من الإحباط، والخشية من توالد وانتشار جماعاتٍ متطرفةٍ كتنظيم داعش، والقاعدة من قبله.
مثل هذه الأوضاع كفيلة بإيجاد مثل هذا التناقض، فقد كان العراق قبيل غزوه في أبريل العام 2003 مثالاً للُّحمة والتوحّد تحت قيادة الرئيس الأسبق «صدام حسين»، لكنه، وبعد الغزو، كان حلُّ الجيش الموحَّد هو أول ما فعله حاكمه المؤقت بول بريمر.. وفي تصريحاتٍ للجنرال «ديفيد بترايوس» الذي كان قائداً للفرقة العسكرية المسؤولة عن الموصل-وقتئذٍ- العام ذاته 2003، أفاد بأن جهوده لإجراء مصالحةٍ بين السنة المحلية والأغلبية الشيعية قد باءت بالفشل من قِبل المسؤولين في بغداد، الذين واصلوا العمل بأوامر بريمر في حرمان أعضاء حزب البعث الكبار من تولي مراكز مسؤولةٍ في الحكومة.. ويقول الجنرال بترايوس (الذي أصبح قائداً للقوات الأميركية في العراق كله بعد ذلك) إن هذا الموقف من المسؤولين المركزيين في بغداد تجاه طائفة السنة، أعطى هذه الطائفة محفزاً للوقوف في صف المعارضة، مما أوجد وضعاً خطيراً.
وقد نجد هذا الوضع الخطير وتبعاته ومآلاته، أكبر ما نجده ماثلاً للأذهان حالياً عشية التخلص من تنظيم داعش في الموصل..
ما زلت أغني..
ولمّا يفوتني شيطان الشعرِ أنده له
وفهِّمه إنّه بين صحبه، وبين أهله
وإنّه صوت الضمير والحب واللّمّه
وسيبه يبدع، ويمتع، كيف على مهله..

بقلم : حسن شكري فلفل
copy short url   نسخ
25/11/2016
2120