+ A
A -

قليل منا من تمكن من عدم خداع نفسه برفض الانصياع لخداع الآخرين له، ولكم شاهدنا من اختلق الخدعة ثم صدقها وروج لها.
وقد استوقفتني الخطبة الأخيرة للعلامة عدنان إبراهيم الذي استوحيت منها مقالي هذا فقد تحدث عن هؤلاء الذين توهموا إيمانهم برب العالمين بينما هم في الحقيقة يعبدون «الأنا» حتى أطلق محمد اقبال كلمته الشهيرة «الكفر يضحك من إسلامنا» لا من الإسلام، بل من «تمظهراتنا» وعنايتنا بقشور الدين عوضاً عن لبه وبولعنا بالوسائل مع إهمالنا للغايات.
البعض لديه استعداد فطري للدين شريطة ألا يتعارض ذلك مع مصالحهم، فإذا حدث النزاع مع المصلحة الشخصية، تظهر سياسة «خصخصة الدين» التي وصفها د عدنان لملائمة الأهواء حتى أن بعض علماء «الانثربولوجيا» عرّف تفسيرات الأديان البشرية بأنها «علم إدارة المقدس» لأجل الوصول لخلق توافقية في المصالح بين البشري والإلهي وهو ما يتناقض مع جوهر الدين الحقيقي الذي يستهدف علاجاً للبشرية من فرط أطماعها.
فاختلاقات البشر ظهرت في تفسيراتهم ومبرراتهم التي مكنتهم من تسويغ وتحوير الشرع الإلهي ليتلاءم مع المصالح عبر تأويل النصوص والتلاعب في المعنى والمغزى ليعاد انتاج النص بما يتوافق مع منطق المنفعة.
فالمصالح تفوقت على العقائد وكانت لها الغلبة غالباً وإن تعارضت مع الشرائع الالهية، سواء اكان ذلك لمصلحة القبيلة، العشيرة، الحزب أو المصلحة الشخصية، مع رعاية التغليف المنمق مغلف بالقشور دينية الزائفة لتوثين الدين بشكل لا ينطلي حتى على الكفرة، لكن يقبله من لا يستعين بعقله بل يركن لفكرة ركوده وعدم صلاحيته للاستعمال. والمؤسف انه مستعد لان يحول لأداة تنفيذية لمخططات الآخرين.
فـ «داعش» تنحر باسم المقدس لأنها تغرس في قلوب شبابها (شهداء الفكر الإجرامي) القتلة انهم يذبحون المخالفين للشريعة لإعلاء كلمة الحق والعجب انه باسم الأديان كلها اريقت الدماء وأهدرت آدمية البشرية.
فتيمور لنك المسلم له ضريح في سمرقند يتبركون به بينما لعنه الاتراك والعرب لقتله آلافا من اهل العراق. فأبطال قوم هم ملعونو اقوام أخرى كما افاد د. عدنان.
ولليوم لم تتعاف البشرية من شرور نزعاتها الدموية، فبحسب مؤرخ الحضارات «ويل دورانت» فإن تسعة أعشار تاريخ البشر حروب استعانت بتحريف المقدس للوصول لأهدافها.
فلم يكتفوا بالقتل والحرق والتجديع والصلم ونسف المساجد بل أهدروا الحياة الدنيا والآخرة معا.. وحكموا على الأغيار بجهنم وبئس المصير؛ لأنهم منحوا لنفسهم سلطات ربوبية لم يمنحها الله حتى لرسله.
الحل في ضرورة ان ندرب أبنائنا في استخدام العقل وعدم النفور من طرح الأسئلة والشك وعدم الثقة في الأسماء مهما كانت والاستعاضة بالمسميات حتى لا ينجر صغار شبابنا خلف أيّ خدعة، وكي لا تنْطلِ عَلَيه أيّة أكذوبةٍ».
بقلم : داليا الحديدي
copy short url   نسخ
03/12/2016
3973