+ A
A -
الرد الأسوأ على أي انتقاد لجريمة ضد البشر الأبرياء، هو ذلك الذي ينحو إلى مقارنة قاتل بقاتل، دون أن يتطرق إلى الضحية.
فمثلا عندما تتحدث عن جرائم مخزية، ارتكبها جنود الحلفاء في ألمانيا بعد إسقاط برلين في الحرب العالمية الثانية، (نصف مليون ابن غير شرعي نتيجة الاعتداءات الممنهجة «الشرق الأوسط– 28 سبتمبر 2015»).
يرد عليك أصحاب الرد الأسوأ: يعني كان عاجبك اللي بتعملوا النازية؟!
يا سيدي.. لا علاقة بين ما أتحدث عنه وبين ردك الأسوأ، سجل جرائم النازية لا جدال حول سواده، لكن ذلك لا يبرر ارتكاب طرف آخر لجرائم أشد سوادا وأكثر وحشية وهمجية.
هذا الرد الأسوأ، يؤذي به أذنك، من تحدثه مثلا، عن تلك الجرائم الطائفية المقيتة التي ترتكب في الموصل، فما أن تتحدث عن هذه الأعمال المشينة، إلا ويرد عليك.. يعني كان عاجبك داعش؟!، بالطبع لا يعجبني وقطعا لا يعجب كل من يمتلك ولو قليلا من العقل والإنسانية، لكن وبنفس القدر، لا يمكن أن نقبل نفس النوع من الجرائم التي يرتكبها دواعش الطرف المقابل.
من الردود المستفزة إلى درجة «القرف»، أن يشاهد أحد صور النساء والأطفال والمسنين والشباب في حلب، ملقاة في الشوارع، نتيجة القصف الإجرامي للنظام السوري وحلفائه، فيبرر بأن هناك مسلحين في المدينة، بينما الضحايا إما هدمت بيوتهم فوق رؤوسهم، أو استهدفت أجسادهم بشكل مباشر، خلال محاولاتهم الفرار من جحيم القصف الإجرامي الذي يقوم به النظام، أو بغاة الميليشيات المتحالفون معه.
الأكثر إثارة للاستفزاز، واجتلابا لـ«القرف» إلى حد الغثيان، أن يشاهد أحد هؤلاء الآباء والأمهات المنهكين الذين يحملون على أذرعتهم أطفالهم الخائفين، وأولئك الشباب الصغار الذين يدفعون كبار السن بعربات بدائية أو على كراسٍ متحركة، فارين من جحيم المدينة المنكوبة، فيقول: إن الثورة هي السبب.. هكذا بمنتهى البساطة يبررون للمجرم، الذي لولا إجرامه واستبداده وفساده، لما ثار الناس.
صحيفة الغارديان البريطانية، صفعت الأربعاء الماضي في افتتاحيتها، هذه المزاعم بقولها، «إن الآلة الدعائية الروسية حاولت تأطير الأحداث في لغة «التحرير» لسكان وصفتهم بأنهم «رهائن للإرهاب الإسلامي» وهذا كلام غير صحيح، كما أنه مثير للسخرية، فـ«الإرهابيون» صفة ألصقت بمعارضة الأسد منذ بداية ثورة الشوارع السورية ضد الديكتاتورية عام 2011، وهي ثورة تحولت إلى حرب أهلية، بعدما قررت حكومة دمشق نشر القوة العسكرية ضد شعبها، التي اشتملت على الصواريخ والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية».

بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
04/12/2016
3714