+ A
A -
تسود حالة أقرب إلى الحيرة في المغرب بعد مضي 60 يوماً على تكليف عبدالإله بن كيران الأمين العام لحزب «العدالة والتنمية» بتشكيل الحكومة، وعجزه حتى الآن عن تحقيق هذا الهدف.
تحفل الصحف المغربية في كل يوم وعلى مدار الساعة في المواقع الإخبارية، بالكثير من التصريحات والتوضيحات والتفسيرات من قادة الأحزاب السياسية بشأن موضوع «الحكومة المرتقبة»، لكن هذه الحكومة لم تأت بعد.
يقول بن كيران إنه مازال يتفاوض بشأن تشكيل الحكومة، بيد أن قياديين من حزبه يعتقدون أن الأمور وصلت إلى طريق مسدود.
تعثر حكومة عبدالإله بن كيران، أعاد إلى الذاكرة قصة حكومتين في تاريخ المغرب الحديث.
الأولى كانت حكومة عبداللطيف الفيلالي في تسعينيات القرن الماضي، يومها كان المغاربة ينتظرون الأمطار وتشكيل الحكومة، في بلد تعني له المطر الشئ الكثير.
أيامئذٍ هطلت الأمطار مدراراً، لكن تعثر تشكيل الحكومة.
كانت الحكومة الثانية التي تعثرت ولادتها، تلك التي شكلها عبدالرحمن اليوسفي في منتصف مارس (آذار) عام 1998.
ظل اليوسفي يجري مشاورات استمرت قرابة 40 يوماً لتشكيل حكومة يقودها حزب معارض (الاتحاد الاشتراكي ) منذ الخمسينيات.
يومها أيضاً كان المغاربة ينتظرون الأمطار والحكومة، وهطلت الأمطار غزيرة قبل تشكيل الحكومة.
قبل أسابيع ساورت المغاربة الكثير من الشكوك حول موسم الأمطار في بلد يعتمد اقتصاده على المحاصيل الزراعية.
ثم كان أن تهاطلت الأمطار بغزارة..لكن لم تتشكل الحكومة بعد.
السبب الظاهر لعدم تشكيل الحكومة يكمن في تعثر المشاورات التي يجريها بن كيران مع أحد الأحزاب لتشكيل تحالف حكومي يقوده «العدالة والتنمية» (الإسلامي) ويضم حزبي «الاستقلال» و«التقدم والاشتراكية»، لكن الحزب الرابع الذي يرغب بن كيران في ضمه للائتلاف الحكومي، وهو حزب «التجمع الوطني للأحرار «يشترط ألا يكون «الاستقلال» ضمن التحالف الحكومي.
تاريخ المغرب السياسي حافل بوضع شروط بشأن عدم ضم شخصيات بعينها للحكومة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يشترط فيها حزب يطلب منه المشاركة في تحالف حكومي خروج حزب آخر، لأسباب غير واضحة.
ثمة قلق وتململ في المغرب بسبب عجز بن كيران تشكيل حكومة ائتلافية، وهناك تعقيدات تحول دون التوجه نحو انتخابات جديدة، باعتباره الحل والمخرج من الطريق المسدود الذي وصلت إليه الأمور.
في هذا الخضم قدم أحمد الحليمي المندوب السامي للتخطيط ( بمثابة وزارة للتخطيط) أرقاماً دالة قبل أيام في الرباط، وذلك بناء على استطلاع للرأي أجري خلال هذه السنة وسط شرائح متباينة.
قال الحليمي إن ما يفوق من 90 بالمائة من المغاربة يعتقدون أن المجتمع المغربي يعد مجتمعاً مسالما ويرجعون الخلافات والنزاعات، عند وجودها إلى «قلة الأخلاق».
بيد أن الاستطلاع أفاد كذلك إلى أن نسبة كبيرة من المغاربة تعطي الأولوية «لإصلاح الإدارة» وكذلك إلى «تطبيق سلطة الدولة».
وهو ما يعني أن المغاربة يأملون أن تكون بالبلاد حكومة فعالة قادرة وقوية لتحقيق هذه الأهداف.
هذه الحكومة لم تتشكل بعد، وهذا هو عمق المشكلة.
قال الحليمي كذلك، وهو شخصية تتمتع بصدقية عالية في المغرب، عن تقديم نتائج الاستطلاع أن 57 بالمائة من المغاربة، يعتقدون أن الغاية من السياسة الاقتصادية هي توفير العمل الذي أعتبر 33 بالمائة إنه يهدف إلى تحسين مستويات المعيشة وبالنسبة حوالي 10 بالمائة خلق الثروة الوطنية.
ولاحظ الحليمي أن 41 بالمائة من المغاربة يفضلون التشغيل الذاتي و33 بالمائة العمل في القطاع العام و5 بالمائة العمل في القطاع الخاص.
ثمة مسألة تبدو غريبة في عالم السياسة، وهي أن ينعم بلد بالاستقرار في ظل أزمة سياسية.
هذا هو حال المغرب.
copy short url   نسخ
10/12/2016
4319