+ A
A -
الأسبوع الماضي نظم مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة «دراسات» بالمنامة ندوة مهمة تحت عنوان «مصالح ونفوذ القوى الكبرى في النزاعات الإقليميّة: التفاعل - ديناميكيّة التحوّل والانعكاسات» تحدث فيها نخبة من المفكرين والباحثين. وحسب رئيس مجلس أمناء المركز خالد إبراهيم الفضالة فإن أهمية الندوة تكمن في أنها «تأتي في وقت تشهد فيه الساحة الاقليمية تطورات وتفاعلات حتّمت على القوى الإقليمية الفاعلة - وفي مقدّمتها دول مجلس التعاون - تأسيس هوية جديدة للأمن الإقليمي ؛ مما دعا إلى الإعلان عن تشكيل تحالف عسكري إسلامي ؛ لمواجهة الإرهاب في الدول العربية والإسلامية، وصل عدد أعضائه حتى الآن إلى 39 دولة، كما برزت دول مجلس التعاون، كعنصرٍ أساسيٍّ، وككتلة إقليمية مهمّة لحلّ الأزمة السورية وبقية الصراعات الإقليمية في اليمن والعراق، من خلال حزمة من الأدوات الجاذبة حينا والرادعة حيناً آخر».

الندوة عقدت في جلستين، الأولى اهتمت بمناقشة موضوع «القوى الكبرى في منطقة الشرق الأوسط.. نظرة تاريخية واستراتيجية»، والثانية اتخذ لها عنوان «القوى الكبرى والأزمات الإقليمية.. تغير الاستراتيجيات». شارك في الجلستين أربعة من الباحثين الذين قدموا جهدا لافتا أعقبه مداخلات الحاضرين الذين اتفقوا على أن واقع الأزمات الإقليمية الراهنة ليس سوى مؤشر لمعضلة أكبر هي أن هناك استراتيجيات دولية وأخرى إقليمية لإعادة هيكلة معادلة الأمن الإقليمي الراهنة ضمن توافقات دولية، سواء بين القوى العظمى ذاتها أو بين القوى الإقليمية المختلفة مما يثير تساؤلات مهمة ومفصلية في المشهد الإقليمي الذي نعيشه حاليا والذي ربما بدأت تتضح بعض ملامحه.

كمية كبيرة من المعلومات تم توفيرها خلال هذه الندوة عن مصالح القوى الكبرى في الشرق الأوسط خلال القرون الخمسة الماضية وعن المحطات المفصلية في القرنين العشرين والحادي والعشرين وعن مخططات التقسيم الغربية للشرق الأوسط واتجاه القوى المؤثرة في النظام العالمي، وصولا إلى تأكيد معلومة ملخصها أن العالم اليوم يشهد انحسارا واضحا للتأثير الغربي على منطقة الشرق الأوسط وأن هنالك حاجة ماسة لسد فجوة وظيفية لتأمين الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وأن دول المنطقة مؤهلة لذلك حيث بإمكانها تجسير الهوة بين الغرب والشرق من خلال الحوار والتعاون، واستدعاء إرادة التحدي بدل الصراع.

المنتدون اتخذوا من الأزمة السورية نموذجا ومثالا على صراع النفوذ الإقليمي بين القوى الكبرى ونبهوا إلى أن التدخل الدولي في الأزمة السورية أدى إلى إطالة أمدها ورأوا أن تسويتها مرتبطة أيضا بمصالح الدول الكبرى فضلاً عن الأطراف الإقليمية ذات المصالح مع تلك القوى.

أيضا تناول المنتدون بالتفصيل مسألة أخرى مهمة تتعلق بعوامل تحول السياسة الأميركية في الخليج العربي ورأوا أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر على ذلك، منها الحروب العسكرية الكثيرة المكلفة وبخاصة الحرب على الإرهاب والتحول الاستراتيجي في مفهوم حماية أمن الطاقة، إضافة إلى التحولات في الرأي العام الخليجي تجاه السياسة الأميركية في الخليج العربي. واستعرضوا دور القوى الأخرى مثل روسيا وبريطانيا والصين والهند التي تشكل بدائل لكل منها ميزاتها، ورأوا أنه يمكن تلخيص تداعيات تراجع النفوذ الأميركي في الفراغ السياسي وصراع ما بعد الفراغ السياسي والعلاقات مع دول الجوار ومستقبل النخب الخليجية الحاكمة ومستقبل المصالح الأميركية في الخليج ومستقبل الحرب على الإرهاب وظهور القوة الخليجية.

لكن مثل هذه الندوة ينبغي ألا تنتهي وأن يدلو جميع المعنيين بدول مجلس التعاون بدلائهم في موضوعها لأهميته. ربما كان على الأمانة العامة لمجلس التعاون الدعوة إلى عقد ندوة موسعة تتناول كل هذه المحاور بالتفصيل الممل.



بقلم : فريد أحمد حسن

copy short url   نسخ
09/04/2016
2129