+ A
A -
من الأخبار اللافتة التي رصدت أخيرا وينبغي التعليق عليها خبر انتقاد وزير الدولة للشؤون الخارجية بدولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور قرقاش لفضائية «العالم» والتعبير عن انزعاجه الشديد منها حيث نسب إليه القول إنها «مهووسة بخلق القصص حول علاقات دول الخليج العربية بإسرائيل». وهذه المعلومة للأسف صحيحة، فقناة «العالم» وقنوات أخرى تسير في فلك تفكيرها مهووسة بخلق مثل هذه القصص وبثها بطريقة تجعل من لا يمتلك الحقيقة يعتقد أن قرار دول الخليج العربية يصنع في إسرائيل وأن هذه الدول لا تستطيع أن «تشك خيطا في إبرة» إلا بإذن وأمر نتانياهو وأن كل الأمور الأمنية والعسكرية فيها يقوم بها خبراء ومستشارون إسرائيليون وشركات إسرائيلية، ولم يبق إلا أن تقول إن أسواقها مليئة بالبضائع الإسرائيلية!

محور «إيران- سوريا- حزب الله» ينطلق في بعض مواقفه من الاعتقاد أن العلاقة بين دول الخليج العربية وإسرائيل ممتازة، وأن الطرفين يشتركان في أمور كثيرة أبرزها القلق من البرنامج النووي الإيراني وطموحات إيران في المنطقة وأن «العلاقات والروابط الاقتصادية والتجارية تشهد نمواً مطرداً» بل إنه يروج ويقول إنها «تعتبر في بعض البلدان الخليجية علاقات هامة وأساسية» وأخرى من نوع أن «إحصاءات معدل التبادل التجاري بين دول الخليج العربية مع إسرائيل تبعث على الاندهاش والصدمة»، ويردد باستمرار القول إن التقاء السفير الإسرائيلي في واشنطن الدبلوماسيين والسفراء الخليجيين وشخصيات خليجية وعربية يتم بصفة مستمرة وأن هؤلاء يؤكدون أنهم متفقون مع إسرائيل على كثير من القضايا وأن هناك تحالفا استراتيجيا عبر عنه مسؤولون إسرائيليون ملخصه أن وقوف الدول العربية وإسرائيل معا قوة للعرب و«إسرائيل»، وغير هذا من كلام لا يتوافر عليه الدليل لكنه سهل التداول وسهل التصديق من قبل البعض.

هذه الفضائيات لا تتردد أحيانا في بث أخبار من نوع قيام مسؤولين إسرائيليين بزيارة الرياض أو أبوظبي أو الدوحة أو غيرها من العواصم الخليجية وعقد اجتماعات سرية مع المسؤولين فيها رغم تأكدها من عدم صحة تلك الأخبار.

في تقرير لأحد الذين يعتبرون أنفسهم من راصدي العلاقات بين دول الخليج العربية وإسرائيل نشرته المواقع الإلكترونية التي تتبنى وجهة النظر هذه (والغالب أن تلك الفضائيات بثته من دون تردد)، جاء «لا يمكن وصف العلاقات الإسرائيلية الخليجية بالبسيطة، بل يتمتع الطرفان بعلاقات قوية على مختلف الأصعدة سواء في الجانب الدبلوماسي أو العسكري أو الاقتصادي وربما حتى في الجانب الاستخباراتي والأمني، وجميع المؤشرات تتحدث عن نمو مطرد في هذه العلاقة التي تجمع بين الطرفين، ولعل السنوات القادمة ستكشف لنا مزيداً من الحقائق عن طبيعة العلاقات بين «إسرائيل ودول الخليج».

منطقيا، لو كانت دول الخليج العربية تريد العلاقات مع إسرائيل فإنها لن تغلب وستوجد الوسيلة والمبررات اللازمة التي تقنع بها شعوبها والعالم أجمع خصوصا أنها تمتلك الخبرة الدبلوماسية والسياسية التي تتطلبها مثل هذه الأمور، لكن هذه الدول الخليجية (العربية المسلمة) ملتزمة بمواقفها، وموقفها في هذا الصدد واضح ولا يقبل التأويل وهو عدم إقامة أي علاقة مع إسرائيل إلا بعد حل المشكلة الفلسطينية التي هي أساس كل المشكلات ومفتاح حلها.



بقلم : فريد أحمد حسن

copy short url   نسخ
23/04/2016
1909