+ A
A -
يُتَوقَع أن تَرِثَ الإدارة الأميركية الجديدة ملفاتٍ عدة، باتت على درجة من التعقيد والملحاحية والأهمية، يَقَع على رأسها ملف العلاقات بين واشنطن وبكين، ومُستقبل تلك العلاقات، حيث يُرَجّح المُتابعون أن يقوم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب بتعيين صديقه القديم حاكم ولاية (أيوا) المُحافظ (تيري برانستاد) سفيراً لدى الصين. كما ينوي الرئيس دونالد ترامب ــ وفق العديد من المصادرـــ تعيين (جون بولتون) المعروف بموقفه المُتشدد من الصين، نائباً أول لوزير الخارجية، ليكون مُشرفاً على العلاقات مع بكين.
إن مصدر القلق والتوتر في العلاقات الصينية- الأميركية يعود لعدة مواضيع، أهمها: قضايا بحر الصين الجنوبي وتوسع النفوذ البحري الصيني، وتايوان، والمسائل الاقتصادية والتجارية، وفوق كل ذلك المسائل المُتعلقة بالأرصدة الصينية في البنوك الأميركية، والتي وصَلت في السنوات الأخيرة، إلى أرقامٍ فلكية، قدّرتها مصادر موثوقة مُختلفة بنحو (1.2 ترليون دولار)، أي (1200 مليار دولار) على النحو الذي جَعَلَ الصين صاحبة أكبر عالمي رصيد في البنوك الأميركية، وعلى النحو الذي أدى لانزعاجٍ وقلقٍ دائم في وزارة الخزانة الأميركية والبنك المركزي الأميركي وبنك الاحتياط الفيدرالي. حيث تُدرك مصادر القرار الاقتصادي المالي في واشنطن خطورة الرقم الفلكي للرصيد المالي الصيني انطلاقاً من جانبين: أولهما عائدات أسعار الفائدة التي يُمكن أن تَحصَل عليها الصين وأن تجنيها، جراء وجود ودائعها المالية في البنوك الأميركية. وثانيهما احتمال قيام الصين بسحب هذا المبلغ فجأة من البنوك الأميركية لسببٍ سياسي في ظل التحولات الدولية الجارية وبروز عوامل الاستقطاب الجديدة في الخريطة السياسية العالمية، وما قد يترتب عليه من صدمات مالية قاسية. في الوقت الذي سعى فيه الصينيون لتجنب مخاطر احتمال إعلان بعض البنوك الأميركية إفلاسها، حيث استطاع الصينيون التغلب على ذلك باللجوء لشركات التأمين وإعادة التأمين.
لقد حاولت واشنطن في سنواتٍ سابقة، المراوغة والالتفاف على عُقّدة الودائع الصينية وأرقامها الفلكية في البنوك الأميركية، عندما طالبت بتعويم العملة الوطنية الصينية (اليوان)، باعتبار أن عملية تعويم العملة تَدخُل في صميم إجراءات الإصلاح الاقتصادي، كما طالبت بتبني وانتهاج آليات السوق الحر. وقد سَبَق وأن اتهمت واشنطن الصين رسمياً بالتلاعب بالعملة الصينية (اليوان).
ويُرجَح الآن، أن تقوم الإدارة الأميركية الجديدة، وفي وقتٍ لاحق، بتهديد الصين برفع الضرائب الجمركية، مُعتمدة على أن الصين ستتضرّر أكثر من الولايات المتحدة في أي حرب اقتصادية، إذ إن الصين تُصدّر أربعة أضعاف ما تستورده من الولايات المتحدة. كما يُتَوقّع أن تسعى واشنطن لامتصاص قسم لا بأس به من هذا الفائض المالي الصيني في البنوك الأميركية قبل أن يعود ويرتفع سعر النفط بعد 5 أو 6 سنوات، وذلك بمسعى (جديد /قديم)، بالطلب من بكين أن تَستثمر قسماً من الفائض المالي لديها في قطاعات صناعية في الولايات المتحدة، كما فعلت إدارة الرئيس الأسبق كلينتون مع اليابان في التسعينيات من القرن الفائت، إذ اضطرت اليابان عندئذ إلى الاستثمار في قطاعات السيارات والعقارات والموسيقى. وهو ما دَفَعَ بكين لتلقف والتقاط المسعى الأميركي (القديم/الجديد) من الآن في السعي لبناء إجراءات هادفة في انتهاج وتطبيق سياسة جديدة، تهدف إلى إنفاق أرصدة الصين الموجودة في البنوك الأميركية عن طريق تنويع المحافظ الاستثمارية.
copy short url   نسخ
17/12/2016
2832