+ A
A -
لن تجد بين الغالبية العظمى من العرب من يجادلك في كون تنظيم الدولة الإسلامية المعروف باسم داعش كيانا إرهابيا لا يمكن التعايش معه، وحتى أولئك الذين يشعرون تجاهه ببعض التعاطف يقرون بأنه متطرف وعنيف ولا يصلح أن يكون جزءا من أي حل لأي صراع تشهده الدول العربية اليوم.
على الطرف الآخر يتم تقديم الحشد الشعبي في العراق والذي يعرف اختصارا بين خصومه على الأقل باسم «جحش» على انه تنظيم شرعي و«إنساني» وبأنه جزء لا يتجزأ من القوة العسكرية في العراق رغم ان جرائمه لا تقل فظاعة عن جرائم منتسبي الدولة الإسلامية ورغم انه ليس أكثر من انعكاس للطائفية والكراهية في أقبح صورها.
فالحشد الشعبي كما تؤكد تقارير حقوقية معتبرة وقبلها مقاطع فيديو موثقة على موقع اليوتيوب هو فصيل خارج عن القانون يتبنى أفكارا وشعارات مسيئة ويتخذ من الأحقاد الطائفية وقودا لاستقطاب المزيد من السذج والبسطاء.
كل ما في الأمر ان الحشد الشعبي تدعمه حكومة بغداد وتستخدمه الولايات المتحدة للتخلص من الخصم الآخر– الدولة الإسلامية في هذه الحالة– وهي علاقة تستوجب كما يبدو التغاضي عن المساوئ والمثالب ولو مرحليا رغم ان القاصي والداني يعلم أن الفريقين في ممارستهما وجهان لعملة واحدة.
فكما تقتل الدولة الإسلامية المخالف لمجرد انه مخالف، فإن الحشد يفعل ذلك وربما أكثر حتى وإن تدثر بعباءة التحالف مع الدولة العراقية التي يعتبر الحشد نتاجا طبيعيا لمسيرة نشأتها وتطورها.
قبل أيام شاهدت فيديوهات حديثة لفظاعات يرتكبها الحشدويون في مناطق عراقية مختلفة بينها انتهاك حرمات اطفال ونساء دون سبب مقنع سوى الانتقام.
في إحدى هذه المقاطع كان المتنطعون بكونهم الأكثر قربا إلى رب الرحمة يتحرشون بصبي صغير لم يتجاوز الـ13 من العمر بعد ان شدوا وثاقه وأذاقوه امام عين الكاميرا كل أنواع الاهانات الممكنة.
إن المبادئ الإنسانية الأساسية والتي يفترض أن تكون مستقاة من دين الرحمة والعدالة لا يمكن ان تستخدم بشكل انتقائي ووفقا للحاجة والمصلحة فصاحب المبادئ من الأولى ان يلجا اليها وقت الشدة قبل اليسر ومع المخالف قبل المشابه والعدو قبل الصديق وإلا استحالت هذه المبادئ كلها إلى مجرد شعارات خاوية لا رجاء من ورائها.
سيبقى الحشد الشعبي في نظر غالبية العرب والمسلمين مجموعة إجرامية خارجة على القانون حتى لو تم منح أفرادها جائزة نوبل للسلام!

بقلم : لؤي قدومي
copy short url   نسخ
21/12/2016
4269