+ A
A -
لم أستغرب حينما اتصلت «ليلى» بي لتخبرني بفسخ خطبتها، لأنها اكتشفت أمورًا في خطيبها لم تكن تراها من قبل، لكن الأمر كان واضحًا بالنسبة لي، وكان اليقين في قلبي يزداد يومًا بعد يوم بأن التجربة الجميلة التي عاشتها «ليلى» لن تنتهي على خير، وقفت أمام نفسي أسألها.. هل كبرت لهذه الدرجة؟ هل بدأت أستشف الأمور قبل أن تحدث؟ ماذا حدث لي؟، لما لم أعد متهورة مثلما كنت في السابق؟ ما الذي حدث لتلك الشعلة التي لم تكن لتنطفئ أبداً، كنت أحصن نفسي من عيون أحدهم، كلما تطلع إلى صوري التي التقطها خلال سفري ثم يسألني.. متى سوف ينتهي نهمك إلى الحياة؟ لم أكن أرى في رغبتي المتفجرة تجاه الحب والطعام والقراءة والكتابة والسفر أي نوع من النهم، فكان ثمة مؤشر دائمًا في ذهني يخبرني على الدوام، أنه سيأتي ذلك اليوم الذي سأقرر فيه الندب والبكاء، على أنني لم أستغل الفرص التي جاءتني على طبق من ذهب كما ينبغي، كنت دائماً أسمع ذلك الصوت يتردد في رأسي في كل مرة أتناول فيها البرجر المقلي عدد من المرات، ورغم ما ستقوله الأخريات من حولي عن السعرات الحرارية المتوافرة في قطعة اللحم المقلي، وعن أهمية استبدال المشروبات الغازية بالمياه الطبيعية، إلا أنني لم أكن أسمع إلا لذلك الصوت القوي الذي يجبرني على مطاردة الحياة من دون أن أعرف السر، سوى أنه سيأتي ذلك اليوم الذي سأشعر فيه بالملل من بعض ما كنت أقوم به، ولأنني إن أردت أن أفعل شيئًا، فإنني أقوم به وأنا أشعر بتلك الطاقة الهائلة التي تتولد في مشاعري، متأثرة بالمشاعر الجياشة التي تتولد بداخلي وتنمو وتعيش، لهذا تعلمت أن أعمل كل شيء في حياتي بحب، ولم أكن حينها أصغي السمع لأي من قوانين الطاقة أو الجاذبية، إنما كنت أستمع إلى قلبي، وأتبعه أينما ذهب.

ولنعد إلى موضوع «ليلى» وخبر خطبتها الذي لم يتم، لن يهتم أي من القراء بمشاعر «ليلى» سوى «ليلى» نفسها، لن يشعر أحد بثقل الجراح الذي خلفه خطيبها في قلبها سواها، لن يستطيع أن يتعاطف أحد مع ما حدث معها لأنه لا يعرفها، ولأن مثل هذه الأحداث ليست بالأمر الجديد، وتتكرر تقريبًا بنفس تفاصيل القصة في أي مكان حول العالم، وحدي أنا التي اكتشفت حقيقة مهمة، أنني كبرت ونلت نصيبًا من الحكمة حتى أنني كنت أرى كل ما سيحدث من خلال أحاديث «ليلى» الدائمة عن خطيبها، بمجرد تصرف واحد فقط، تستطيع أن تدرك إذا ما كانت هذه العلاقة ستكلل بالنجاح أم لا؟ الزمن والقسوة والخبرة وربما استماعك إلى الكثير من حولك، يولد بداخلك متسعا كبيرا جداً من الرؤية الواضحة.

بقلم : سارة مطر

copy short url   نسخ
24/04/2016
2084