+ A
A -
يرفض أن يكون معنا.. ويكتفي بما رسمه من صور ضبابية باهته! وبما تركه لنا من مواقف، وذكريات غريبة!، ومن لحظات، وصور. مواقف ضحكنا فيها ولحظات بكينا وتألمنا.. ولحظات دهشة نكتفي خلالها بالصمت! يرفض أن يترك لوجوده أثر يذكرنا به وبملامحه وتفاصيله! يعد حقائبه سريعاً دون تفكير، يرتب ذكرياته ولا يختار منها ما يريد.. فهي معه شاء أم أبى.. يريد الرحيل سريعاً كما قدم سريعاً.. أتأمل ملامحه شتاء وربيعاً أتذكره كيف كان صيفاً وخريفاً..أتذكر تفاصيل أيامه ولحظاته.. وكل صورة كانت فيه..
سهل أن نعود لصور ولقطات التقطتها الكاميرات أيا كان نوعها.. هواتف ذكية.. كاميرات عادية.. المهم نعود لصور ربما احتفظنا بها في ذاكرة برامج التواصل الاجتماعي.. لنفرح ونسترجع ذكريات اللحظة والموقف ونبتسم.. ونود لو استطعنا الاحتفاظ بتلك اللحظة بين قلوبنا وأرواحنا دون أن يمسها وجعاً أو ألماً.. ولا ندع لموقف وصورة أخرى تحتل مكانها.. لقطات عفوية، بريئة جميلة دون تكلف.. ولقطات استعددنا لها بترتيب وابتسامة مصطنعة!
سهل أن نعود لذاكرة الهاتف لنكتشف أسماء لم نعد نبحث عنها باتصال أو سؤال أو حتى رسائل الوتس اب وغيرها... أسماء تركت شرخاً وجرحاً مرة واثنتين وثلاث.. إلى هنا نقول لها.. كفى.. وكفاية..! وأسماء نشتاق لها دائماً ونبحث عنها ونمارس طفولة وتطفل متى نراها متواجدة لنسرع بالدخول عليها حواراً وسلاماً واتصالاً.. وأسماء تتواجد فقط في المناسبات رمضان وأعياد ونكون دائماً من يبادر.
نعم.. هو يصّر على الرحيل رغم ما تركه من لحظات فرح ولحظات ألم.. لا نود تذكرها ولكن رغماً عنا نتذكرها ونطلق آه موجعة.. معها..! نود أن يرحل عنا وفِي نفس الوقت لا نود ذلك! نود رحيله بامتعاض وحزن.. لوعوده التي جاء بها ولم يحققها.. يعود ولا يفي بوعده حاله حال من سبقوه! لا يأتي بجديد رغم محاولتنا.. ورغم اجتهادنا.. ورغم مواقفنا التي مددنا أرواحنا بحب لتكون وتعطي وتخلص ولكن.. هو كغيره يأتي أحياناً كثيرة بأنانية ليسلب بل ليسرق منا أجمل أيامنا ولحظاتنا.. وصورنا... يأتي ليرحل!
إصراره على الرحيل لإدراكه أن قلوبنا وأرواحنا وأيامنا تستعد لغيره.. وتنتظر المفاجآت والأمل والفرح.. ومواقف ولحظات ينتظرها العمر ويريدها معه...وتترقبها الروح بشوق الانتظار.
عندما يرحل نودعه بفرح مبطن بحزن وألم.. لإدراكه أنه لا شيء.. لا شيء.. مجرد رقم قدم كغيره ورحل! تتعدد الأرقام.. وأشكالها.. تقدم وترحل.. وننساها ولا نتذكر منها إلا تاريخ عام من أعمارنا كان خلاله... ووجوه أحبه معنا.. ووجوه رحلت غفلة.. ورحلت دون لحظة وداع واحتضان تركت الشوق يعتصرنا!
آخر جرة قلم: يرحل كغيره هو العام ولا ينتظر منا إلا أن نقول له وداعاً بكل ما حمله وبكل ما أحضره وبكل ما لم يعطينا إياه!.. وبكل لحظة فرح فرحنا بها رغم بخل أيامه وشحيح عطائه نعم.. يرفض البقاء ويصر على الرحيل.. لننتظر رقماً يرافقنا من جديد بأيامه وشهور ومواقفه... ولياليه وسكونه وفصوله.. وكل شيء فيه.. عام ندعو الله أن يبقي أحبتنا معنا ويحفظهم.. وعام ندع الله أن يبعد عنا شرار نفوس البشر ومكرهم..
ويسخر لنا الأرض وما عليها.. ويجعله عام إنجاز وسعادة ونصرة للإسلام والمسلمين في كل مكان...
كل عام وأنتم بخير..

بقلم : سلوى الملا
copy short url   نسخ
29/12/2016
5156