+ A
A -
كل الآباء والأمهات يعـملون ويسعـون ويـبذلون ما لديهـم من أجل أبنائهم، ويتطلعـون بأمل ورجاء كي يروهم في الغـد القـريب رجالاً ونساءً مرموقـين ناجحين سعـداء في حـياتهم، بهـم يفخـرون، فهم امتداد لهم وتلك هي أروع ثمرة يمكن أن يجـنـيها الإنسان في حـياته، أبناء صالحون فالحون مؤمنون.
ولكن.. هـل يدرك الأبناء مدى عـمق وصدق ذلك الشعـور، خاصة الذين لم يتزوجوا بعـد أو لأنهم حـديثو العهد بالزواج والإنجاب، قـد يدرك الأبناء ماذا يشكل ذلك بالنسبة للآباء ولكنهم لا يدركـون مداه الحقـيقي، قـد يفـسر الأمر عـلى أنه مجـرد رغـبة أو أمنية، ولكـنها بالنسبة للآباء ليست أمنية عادية، بل هي أمـنية عـمر، وحـياتهم كلها التي بذلوها ومازالوا في سبيل إسعاد أولادهم.. ويكبر الابن، ويسعى الأم والأب لزواجه حـرصاً منهما عـلى استقـراره.. ويتزوج.. وهـنا يفـرض هـذا السؤال نفسه: هـل يسكن مع أهله أو ينفصل عـنهم؟ غالباً ما يفضل الابن أمام إلحاح وبضغـط من الزوجة ورغـبتها في الاستقلال ببيت خاص.
هـناك رأيان بهذا الخصوص، رأي يؤيد سكن الابن في بيت أبيه، والرأي الآخر يعارض ذلك، الرأي المؤيد يرى أنه إذا كان الابن وزوجـته متفهمين ويقـدران الأمومة والأبوة، فـسوف يسكـنان مع أهله، ولا أتصور كيف يمكن للابن أن ينفصل بزوجته عـن أبيه وأمه، خصوصاً إذا كان هـو العائل الوحيد لهما وهما قـد ربياه وسهـرا الليالي عـلى رعايـته، فمن يرعاهما في كبرهما؟ وهل هـذا جـزاؤهما؟!
طالما لا يتدخل الآباء في شؤون أبنائهم وزوجاتهم ولا يسيء إليهما أحد، يجب أن يسكن الابن مع أهله، والمفـروض ألا تعـترض الزوجة عـلى اعـتبار أنها تريد سعادة زوجها، وعـلى الزوج ألا يستمع إلى تحريض زوجته أو رغـبتها في الانفصال بالسكن طالما كـرامتها مصونة وليس هـناك تدخل من قبل الأبوين.
حتى بالنسبة للزوجة، السكن مع أهل زوجها أفضل لها، لأنها ستكون بمفردها إذا سكنت في بيت منفصل، وبالطبع ستحتاج إلى من يقضي حاجاتها وطلباتها، أما إذا كانت مع أهل زوجها فسيتولون أمرها ويرعـونها، والأهم من هـذا وذاك سيكون الـزوج مطمئناً عـليها وسيشعـر بالأمان وكذلك الزوجة ستشعـر بالأمان في بيت أهل زوجها، ولذلك أيضاً مردود آخـر ينعكس عـلى الأطفال، فالطفل إذا كان بمفـرده في «شقة» مع أبويه يكون منطوياً عـلى نفسه، بينما في بيت «جـده وجـدته» فسوف يختلط بأطفال آخرين وسيكون اجتماعـياً بشكل أفضل، وإذا كان لا مفر من الانفصال فليكن فـيما بعـد وليس في بداية الزواج.
لا شك أن انفـصال الابن في السكن عـن والديه أو العكـس يعـتمد عـلى مـدى العـلاقـة من تآلف وتجانس بين الابن والأسرة، فـربما يكون وجوده مع الأسرة امتداداً لحياته معهم وشيئاً طبيعـياً بالنسبة للطرفـين، وإن لم يكن الابن متفاهماً مع أسرته فسوف تنشأ المشاكل، فالمسألة تعـتمد عـلى مدى ترابط الأسرة، وتتدخل في ذلك التربية التي يتلقاها الابن في صغـره وصباه، حيث تنعكس عـليه في شبابه وكبره، وكذلك يبقى مدى تقـبل الأسرة لعـنصر جديد ينضم إليهم، وأهم ما في الموضوع هـو أن تتوفـر روح التعاون والتآلف، ويعـتمد ذلك على الوعي الثقافي والمركز الاجتماعي للأسرة.
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
04/01/2017
3802