+ A
A -
فضائح الفساد الأخيرة المُتعلقة بشخص رئيس الحكومة «الإسرائيلية» وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتانياهو، والتي طفت على السطح مؤخراً، بدت وكأنها زلزال كبير بدأ من الآن يعتمل داخل حزب الليكود، وقاعدته التنظيمية، وهو الحزب الأكبر والأوسع في المجتمع «الإسرائيلي الصهيوني» على أرض فلسطين التاريخية، والحزب الأكثر نفوذاً وتنظيماً داخل التجمعات اليهودية في العالم، خاصة في الولايات المتحدة، بعد أن انتزع هذه المكانة، ومنذ عقدين من الزمن تقريباً، من الحزب التاريخي المؤسس للدولة «العبرية الإسرائيلية» ونعني به حزب العمل «الإسرائيلي».
الهزات الفضائحية التي مَسّت نتانياهو، والمُتعلقة بتلقي الهدايا، والرشوات، والأموال، وتجييرها في مسار الانتخابات للكنيست العشرين والتي صعدت بنتانياهو إلى موقعه الحالي، كان منها تلقي هدايا بمبالغ طائلة من رجال أعمال، وتلقي هدايا متتالية من علب «السيجار» الفاخر، من رجل الأعمال أرنون ميلتشن، على مدار ثماني سنوات، وتقدر قيمة أصنافها بمبالغ طائلة، بنحو (5000 دولار) شهرياً. ولم تقتصر الهدايا على نتانياهو، إنما وصلت الهدايا كذلك إلى قرينته سارة.
الفضائح إياها، تُثير الآن في «إسرائيل» ذهول الوزراء وأعضاء الكنيست من حزب الليكود، الذين فَضَّلَ الكثير منهم الصمت حتى الآن إزاء التحقيق الجنائي الجاري ضد زعيمهم ورئيس الحكومة «الإسرائيلية»، بنيامين نتانياهو. إلا أن هذا الصمت الصارخ، قابله صراخ مُدوٍ في وسائل الإعلام العبرية اليومية الورقية المقروءة، والمسموعة، والمرئية، ومجموعات شبكات التواصل الاجتماعي، حتى لنشطاء وأعضاء من القاعدة التنظيمية لحزب الليكود. فالتحقيق مع نتانياهو أشَعَلَ شبكات التواصل، وتحوّل إلى المحادثة المركزية في مجموعة المحادثات المُتحررة والثاقبة والنقدية الصارخة بلسان عامة الناس في «إسرائيل»، وهو ما دفع مجموعات شابة من أعضاء حزب الليكود بمطالبة نتانياهو بإعطاء أجوبة ومحاسبة الذات في أعقاب التحقيق الجنائي الذي جرى معه ولمدة أربع ساعات متواصلة. بل وذهب أحد نشطاء واحدة من تلك المجموعات التي تُسمى نفسها «مجموعة مخلصي حيروت في الليكود - وحيروت هي الحركة العقائدية التي انبثق منها حزب الليكود - للقول «منذ عشر سنوات نحن تحت حكم دكتاتوري. لقد حان الوقت لنقول ببساطة لنتانياهو: من فضلك اجلس في بيتك. دعنا وشأننا... من لا يفهم معنى الفساد لا يفهم كيف تتهاوى حركات وتفقد القوة». وتساءل نشط آخر في رسائل وزعها على وسائل التواصل الاجتماعي «لماذا ينبغي أن يحصل نتانياهو على هدايا بالملايين؟..هل ينقصه شيء..؟ هل هو جائع للخبز..؟، مضيفاً قوله: «إن مناحيم بيغن آخر جيل العمالقة، ونتانياهو هو أول جيل الفاشلين...».
أما في الجانب السياسي، فالنقد اليومي لسياسات نتانياهو يَتَسِع من قبل النُخب السياسية والأمنية في «إسرائيل»، حتى في ظل اتساع قواعد اليمين المُتطرف في «إسرائيل» وانحياز غالبية المجتمع لسياسات الغطرسة والقوة التي يتغنى بها نتانياهو. فهناك اليوم إدراك يتزايد داخل النخب السياسية والأمنية في «إسرائيل» بتحميل نتانياهو مسؤولية تزايد توالد حالات النفور الدولي من السياسة «الإسرائيلية» وممارسات «إسرائيل»، وكان الدليل الساطع على ذلك قرار مجلس الأمن الدولي الأخير رقم 2334، وهو القرار الذي نال إجماعاً دولياً، مع تحفظ الولايات المتحدة عليه، وحدها دون غيرها.
وخلاصة القول: نحن الآن أمام معادلة «إسرائيلية» داخلية، تتفاعل مكوناتها وعواملها، وقد تُفضي في نهاية المطاف للإطاحة بنتانياهو من قيادة حزب الليكود، وبالتالي من رئاسة الحكومة الائتلافية في «إسرائيل»، وإنهاء حياته السياسية، ولن يُنقذ نتانياهو عندها سوى لجوء إدارة الرئيس دونالد ترامب لتبييض صفحة نتانياهو بإنجاز ما، كنقل سفارة واشنطن، أو بعض مكاتبها من تل أبيب إلى القدس المحتلة، حيث يُمكن لهذا التحوّل أن يُعطي لنتانياهو مدداً جديداً أمام الجمهور وأمام حزب الليكود، باعتباره إنجازاً يحسب له، ويغطي على فضائحه.

بقلم : علي بدوان
copy short url   نسخ
10/01/2017
3294