+ A
A -
لا يزال شعار العروبة الذي طالما رفعه حكم الأسد، الأب والابن، منذ نحو خمسين سنة ينطلي على كثير من العرب المتحمسين، وعلى بعض المثقفين والمنظرين، من فلسطين والجوار السوري، وبالأخص أولئك «المفتونين عن بعد» في ديار الاغتراب. لا يزال البعض يصدق رغم كل ما ارتكبه النظام السوري ضد شعبه، ولا يزال بشار الأسد يتلطى وراء هذا الشعار، ويتقن لعبة تسويقه كشمّاعة يعلق عليها كل أماني وأحلام وطموحات الشعوب العربية من «تحرر» و«وحدة» و«قومية» وحتى «اشتراكية» و... كلها في توليفة واحدة ووعاء واحد هو «العروبة».
ومؤخرا، أضاف بشار إلى شعار العروبة عنوان «السيادة» التي يريد استعادتها على كامل الاراضي السورية. سيادة الدولة المنهارة أم سيادة سلطته؟ عنوان مستجد رفعه بعد أشهر على انطلاق الانتفاضة الشعبية ضد حكمه منذ نحو ست سنوات (15 مارس(2011).
ولكي يستعيد هذه السيادة المنقوصة لجأ إلى إيران الدولة غير العربية، التي تنتهك سيادة أكثر من دولة عربية، بدءا من العراق ثم سوريا، مرورا بلبنان وفلسطين وانتهاء باليمن.
دخلت إيران على الخط منذ بداية الأزمة، اذ أن «الحرس الثوري» الإيراني يقاتل في مختلف أنحاء سوريا، وهو صاحب الامرة ويشرف ضباطه على مجرى العمليات العسكرية، ويوزع المهمات على الميليشيات التابعة له، من لبنانية وعراقية وافغانية وغيرها، والتي ليس بينها واحدة سورية فقط.
وتقرر قيادة آيات الله الإيرانية الخطوات التي يجب على الأسد اتباعها سواء في الميدان ام على الصعيد السياسي، وهي التي تجهزه وتسلحه وتفتح له الحسابات بمليارات الدولارات، لدرجة ان احد الكتاب الإيرانيين علق في صحيفة «افرنش» الإيرانية قائلا: «ليس خفيا ان إيران ساندت بشار الأسد ودخلت ساحة الأزمة السورية منذ يومها الأول عن طريق بيعها نفطا لتوفير المال للنظام، ولم نقصر في تقديم جميع أشكال الدعم الذي يحتاجه حتى يتمكن من البقاء، كان هذا بدافع التحالف القائم بين البلدين، وبهدف الحفاظ على مصالح إيران ومكانتها الاقليمية، وليس استبعادا لها في معادلة القوى في سوريا؟!».
اذا، حفاظا على مصالح إيران ودورها وليس دفاعا عن سيادة سوريا وعروبتها، وامتعاضا من وقف إطلاق النار الذي فرضه الروس، والذي اتاح للسوريين ان يخرجوا إلى الشوارع قبل ايام للتظاهر مجددا ضد النظام في دوما (ريف دمشق) وتلبيسة (ريف حمص) وسقبا (ريف دمشق) ومعرة النعمان (ريف ادلب) وسراقب (ريف ادلب) في جمعة «الأسد بعطشكم ويقتلنا»!
أما روسيا، فهي تساهم بشكل أكبر وحاسم في الدفاع عن عروبة سوريا وسيادتها. فهي تمسك منذ أكثر من سنة بزمام الامور عسكريا وتفاوضيا، وقد قامت فور اسقاطها حلب بنشر فرقة كاملة من شرطتها العسكرية لـ«حفظ الأمن» في المدينة فيما طائراتها الحربية تجوب الأجواء السورية منذ أكثر من سنة صونا لسيادة وعروبة الدولة السورية.
وهذا بوتين من يقرر متى يفتح المعركة، ومتى يوقف اطلاق النار الأخير، الذي لم يستسغه الأسد (ولا إيران) لكنه اضطر إلى الانصياع، وسيضطر للذهاب إلى المفاوضات التي قرر بوتين عقدها، في نهاية هذا الشهر في الاستانة عاصمة كازاخستان. وقد افادت مصادر دبلوماسية اوروبية لوكالة الانباء الايطالية «أكي» ان هناك ثلاثة ضباط سوريين كبار موجودون في العاصمة الروسية منذ عدة ايام تحضيرا للمشاركة في المفاوضات، اختارتهم القيادة الروسية (لا الأسد) كممثلين للنظام لثقتها بهم، ولأنها تريد ان تضع خريطة طريق للحل السياسي تمهيدا لطرحه (او لفرضه؟) في المفاوضات الأوسع في جنيف.
أمر واحد يلتقي حوله على الارجح روسيا وإيران هو تقديم مصالحهما- غير العربية- على الشعارات المزيفة للأسد، ومصلحته في البقاء على رأس النظام طالما يخدم مصلحتهما.

بقلم : سعد كيوان
copy short url   نسخ
10/01/2017
4359