+ A
A -
كلما كتبت مقالا عن الشأن المصري، أقول في نفسي إنه آخر مقال سأكتبه عن «مصر السيسي» لأن الكتابة في هذا الموضوع لا تقدم ولا تؤخر ولأن كثيرين قد يسألونك السؤال المعتاد: وأنت مالك؟!
لكن المضحكات المبكيات في أرض الكنانة قد تفرض نفسها حتى على كاتب مقال في هونولولو لو قدر له أن يتابع وسائل الإعلام المصرية ويفهم الدرك الذي انحدرت إليه الأمور في دولة تزداد فيها الهوة يوميا بين حجمها الجغرافي والسكاني وتأثيرها السياسي والاستراتيجي.
فالتسجيلات المخزية التي تم بثها في برنامج «على مسؤوليتي» الذي يقدمه أحد أكثر المقدمين تناقضا وكذبا في تاريخ الإعلام العربي جاءت لتؤكد أن النظام في مصر ليس أكثر من جهاز استخباراتي يستخدم الجميع من أجل استمرار إحكام قبضته على السلطة وأنه في نهاية المطاف يتم تسخير كافة أجهزة الدولة بشكل شرعي أو غير شرعي للتصفية والانتقام كما يحدث في عصابات المافيا وعالم البلطجة.
لو سمحت سيدي ممن يرفع شعار «تسلم الأيادي» اذهب واشرح لمواطن في هاواي كيف يسمح لأجهزة الدولة بالتجسس على محمد البرادعي الذي كان يشغل منصب نائب الرئيس والفريق سامي عنان رئيس أركان القوات المسلحة آنذاك ثم تحفظ هذه التسجيلات في الدرج قبل أن تسرب إلى بعض من يعرفون بـالإعلاميين «الأمنجية» أو من يعملون كناطقين باسم السلطة الحاكمة لتشويه المعارضين وضرب المخالفين وتدمير سمعة كل من يرفع قريحته بانتقاد أي مظهر من مظاهر الفساد في مصر وما أكثرها.
كيف تسمح الدولة لنفسها بالهبوط إلى هذا الدرك والعمل بعقلية «السيديهات» الفضائحية وما هي الرسالة التي تعتقد الدولة في مصر أنها ستصل إلى المستثمرين والهيئات الدبلوماسية والسياح والإعلاميين المستقلين وغيرهم وهي التي تقول للجميع بلا خجل إنه لا أحد بعيد عن التشويه مهما علت مكانته إذا شكل خطرا على أمن النظام الانقلابي الذي اعتاد على افتعال مثل هذه الملهيات كلما فشل أمنيا أو سياسيا أو اقتصاديا.
فمن الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي واجه عنفا حيوانيا كما قالت روما قبل تصفيته إلى منتج الأخبار بقناة الجزيرة الإخبارية الزميل محمود حسين الذي اعتقلته السلطات المصرية خلال إجازته السنوية بـالقاهرة ولفقت له اتهامات مضحكة انتقاما من بث فيلم «العساكر» الوثائقي، يبدو جليا أن عقلية البلطجة هي السائدة في دوائر الحكم في مصر.
تسجل مكالمات لمسؤولين سابقين ثم تسرب لوسائل إعلام محلية لتشويه صورتهم وحرقهم سياسيا.. إنه حضيض آخر يا سادة!
بقلم: لؤي قدومي
copy short url   نسخ
11/01/2017
4336